العناوين الرئيسيةسورية

السفير السابق ميشيل رامبو عضو جمعية الصداقة السورية الفرنسية يرثي في مقال الراحل وليد المعلم بعنوان: «ارقد بسلام سيدي الوزير واحرس سورية»

«الوطن» تعيد نشره:

نادراً ما رأينا وزيراً للخارجية يستحق هذا الاسم إلى هذه الدرجة، هادئ لا يتزعزع، يتمالك نفسه دوماً، حاضر البديهة في ردوده المختصرة والقاطعة، كان بامتياز الأستاذ والمعلم الذي يُعلّم، مهذباً وحازماً، كان دبلوماسياً بالفطرة.

القوة الهادئة والطمأنينة التي كانت تشعّ من شخصيته في كل الظروف، وكان سلوكه يعطي الانطباع دوماً أنه لن يكون معدوم الحيلة أمام عداء العالم بأسره، والله أعلم إلى أي درجة كانت سورية بحاجة إلى رجل ذكي وخبير ومخلص مثل وليد المعلم.

بالتأكيد، حالفه الحظ في وسط المحن المحيطة بأنه لم يدافع عن قضية فاسدة مثل الكثير من نظرائه وزملائه بل عن قضية عادلة هي الدفاع عن بلده وهي ضحية اعتداء إجرامي نظمه نصف «المجتمع الدولي»، وواجه وحشية وصلف الدول الغربية وزبائنها والمتفقين معها دون نسيان بعض «الدول الشقيقة»، لم يحصل ذلك من قبل إطلاقاً.

سيكون هناك الكثير لقوله وتذكّره من المسيرة الطويلة لهذا الرجل المخلص، وهذا ليس أمراً شائعاً جداً في هذا الوقت، على سبيل المثال، يمكننا تذكر حلقة أسطورية من بين الحكايات الرائعة التي تركها في إرثه، ونحن في مدينة مونترو السويسرية في شهر كانون الثاني ٢٠١٤ خلال مؤتمر حول النزاع السوري، حيث أعلن وزير الخارجية الأميركي جون كيري لتوه بلهجة قاطعة أن «بشار الأسد لن يشارك في حكومة انتقالية في سورية، لا يمكن تصور ذلك». ما زلت أرى الوزير المعلم هادئاً وهو يرفع إصبعه نحو نظيره الأميركي، مثل أستاذ مدرسة يوبخ مشاغباً، قائلاً: «سيد كيري، لا أحد في العالم له الحق بإضفاء الشرعية أو عزلها أو منحها لرئيس أو حكومة أو دستور أو قانون في سورية إلا السوريون أنفسهم». فتظاهر السيد كيري بحك أنفه لكي يخفي حرجه.

لن يتسنى للوزير الشجاع أن يفرح بعودة السلام حياً، يبدو أنه حان وقت «الحروب بلا نهاية، الصامتة أو غير المرئية» التي يستطيع المحللون الغربيون مناقشتها حتى الشبع دون أن يروا خطيئة في الجرائم التي يدعمونها، لكن أينما كان المأسوف عليه، لا نشك أبداً أنه يحرس البلد التي خدمها مثلما يحرس دبلوماسية مقاومة ومخلصة وهادئة على الرغم من الضغوط والترهيب وحتى محاولات السرقة، إنها دبلوماسية نوعية وراقية تدربت في أفضل المدارس، مدرسة وليد المعلم.

ليرقد بسلام ولتجد سورية السلام أخيراً.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock