سوريةسياسة

الجعفري: الإعلان الذي اتخذه ترامب بشأن الجولان السوري المحتل ماهو إلا تصرف أحادي الجانب لا قيمة قانونية ولا سياسية له

أكد مندوب سورية الدائم في الأمم المتحدة بشار الجعفري أن الإعلان الذي اتخذه الرئيس الأمريكي بشأن الجولان العربي السوري المحتل ماهو إلا تصرف أحادي الجانب لا قيمة قانونية ولا سياسية له.

ونوه الجعفري إلى أن الجولان السوري المحتل هو الاسم الرسمي في ارشيف وقرارات الأمم المتحدة أما “مرتفعات الجولان” فهو مصطلح اسرائيلي تم اختراعه بعد عام 1967، وهو اصطلاح مقتبس من عقلية القرون الوسطى عندما كانت الجيوش تحتل هضاب وجبال وتسيطر على مواقع استراتيجية.

وأشار إلى أن في الوقت الذي يتم فيه اجتماع الجلسة حوالي الساعة الخامسة قامت إسرائيل بشن عدوان جوي على منطقة الشيخ نجار في مدينة حلب، التي تبعد عن الجولان 500 كلم، هجوم جوي إسرائيلي على مدينة الشيخ نجار في حلب، وأسفر الهجوم عن أضرار مادية، وتصدت وسائط الدفاع الجوي السورية للطائرات الإسرائيلية وأسقطت عدداً من الصواريخ التي أطلقتها تلك الطائرات.

وبدأ الجعفري بيانه بقوله: “تدين بلادي، الجمهورية العربية السورية، الإعلان غير الشرعي الصادر عن رئيس الولايات المتحدة الأمريكية بتاريخ 25 آذار الجاري، بخصوص الوضع القانوني للجولان العربي السوري المحتل. وتعتبر حكومة بلادي تلك الورقة التي وقَّعها الرئيس ترامب في ذلك اليوم، وأهداها لرئيس وزراء سلطة الاحتلال الإسرائيلي، مجرد تصرفٍ أحادي الجانب صادرٍ عن طرفٍ لا يملك الصفة ولا الأهلية السياسية ولا القانونية ولا الأخلاقية، ليُقرِّر مصائر شعوب العالم أو ليتصرَّف بأراضٍ هي جزء لا يتجزأ من أراضي الجمهورية العربية السورية”.

وشدد الجعفري على خطورة مثل هذه الممارسات الأمريكية والتي تتمثَّل في أنها تعكس جنوحاً خطيراً وأعمى غير مسبوق لدى الإدارة الأمريكية الحالية، نحو تقويض القانون الدولي وإهانة الأمم المتحدة والضرب بعرض الحائط بكل المرجعيات والإرث القانوني والقرارات التي صدرت عن هذا المجلس وعن الجمعية العامة، بخصوص الصراع العربي – الإسرائيلي، وحتمية إنهاء احتلال إسرائيل للأراضي العربية المحتلة وانسحابها منها حتى خط الرابع من حزيران 1967.

وأضاف الجعفري “لقد أقرَّ مجلس الأمن في قراره رقم497(1981)، وتحدثتم كلكم عن هذا القرار مشكورين، أقرَّ بأن الجولان هو أرضٌ سوريةٌ محتلة، وأن أية إجراءات تتخذها سلطات الاحتلال الإسرائيلي على هذه الأراضي المحتلة لاغيةٌ وباطلة وليس لها أي أثرٍ قانوني. ويعلم الجميع في هذا المجلس، بما في ذلك الوفد الأمريكي الدائم، أن عملية السلام في الشرق الأوسط انطلقت في العام 1991، في مؤتمر مدريد للسلام، استناداً إلى القرارات 242(1967) و338(1973) و497(1981)، التي نصت جميعها على عدم شرعية احتلال أراضي الغير بالقوة، وعلى عدم الاعتراف بأي سلطة أو سيادة لإسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، على أيٍ من الأراضي التي احتلتها منذ الخامس من حزيران 1967، وعلى ضرورة إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لهذه الأراضي، كشرطٍ أساسي لإحلال السلام العادل والشامل في الشرق الأوسط، وهي مرجعيات قانونية لم تنكرها أي من الإدارات الأمريكية السابقة…لم تنكر أي من الإدارات الأمريكية السابقة هذه المرجعيات، إلى أن وصلنا إلى الإدارة الحالية”.

كما ذكر الجعفري ان الورقة التي وقعها الرئيس الأمريكي ويهديها لبنيامين نتنياهو، وأمام أنظار العالم، هي مجرد تصرفٍ أحادي الجانب لا قيمة قانونية ولا سياسية له، مضيفا أن هذا التصرف الأحادي هو في ذات الوقت، إقرارٌ واضح بأن الإدارة الأمريكية لم تعد تُقيم وزناً للأمم المتحدة، وأنها سحبت موافقتها واعترافها بقرارات الشرعية الدولية، مؤكدة رفضها وتصديها لجهود إحلال السلام العادل والشامل في الشرق الأوسط وفي العالم، وبذلك فقد أنهت، الإدارة الأمريكية، دورها كوسيط في أية عملية لإحلال السلام في الشرق الأوسط، وأدخلت المنطقة والعالم معها في أجواء التصعيد والمواجهة.

وقال الجعفري : “بما أن الوفد الأمريكي يحلو له في بياناته دائماً أن يتحدث في موضوع المساءلة عن خرق القانون الدولي، فإن سؤالنا الجوهري الذي نطرحه اليوم بقوةٍ صادمةٍ على الجميع، سؤالنا هو: من سيُسائِل الإدارة الأمريكية عن خرقها لقرارات مجلس الأمن 242 و338 و497؟ أليس مطلوباً من منظومة الأمم المتحدة أن تتصدى لهذا الانتهاك الجسيم لقراراتها ومرجعياتها، من خلال استرداد دورها وولايتها القانونية التي كانت مختطفةً ومصادرة من قبل الجانب الأمريكي، من أجل تطبيق قرارات مجلس الأمن 242(1967) و338(1973) و497(1981)؟

وأضاف :”الشعب العربي السوري ينظر اليوم إلى الولايات المتحدة الأمريكية، على أنها دولةٌ عدوةٌ خارجة عن القانون تحتل جزءاً من أراضينا، بعد أن ساهمت بشكلٍ مباشر في قتل الآلاف من السوريين وفي تدمير البنى التحتية والاقتصاد والمقدرات الوطنية السورية، والجسور وصوامع الحبوب، سواء عبر دعم الإرهاب، أو فرض الحصار الاقتصادي أو عبر العدوان العسكري المباشر، وحين قادت ما يسمى زوراً “التحالف الدولي لمحاربة داعش”. والشعب السوري يرى اليوم في الورقة التي وقَّعها الرئيس ترامب تهديداً للسلم والأمن الدوليين، ومحاولةً فاشلة للتلاعب بالتاريخ والجغرافيا، كما كان يقول الرئيس الفرنسي شارل ديغول رحمه الله، لأن الرئيس الأمريكي والمتطرفين من المحافظين الجدد في إدارته، اعتقدوا خطأً أن فرض الحرب الإرهابية على سورية كفيلٌ بكسر إرادة هذه الأمة، أو أن ثماني سنوات من مواجهة الإرهاب والتطرف قد غيرت من أولويات سورية، بشعبها وحكومتها وجيشها”.

وتساءل الجعفري:” الدولة دائمةِ العضوية في هذا المجلس، والتي تستضيف المنظمة الدولية، والتي وقعنا فوق أراضيها في سان فرانسيسكو ميثاق تأسيس الأمم المتحدة، هل تمعَّنتم جيداً في العواقب الحقيقية لخرق الولايات المتحدة الأمريكية لالتزاماتها بموجب قراراتكم؟ وهل أدركتم الأسباب الحقيقية من وراء نقض إدارة الرئيس ترامب لاتفاقاتٍ ومعاهداتٍ دولية كانت تسعى إلى ضمان الاستقرار الدولي، ومن وراء انسحابها من مجالس وهيئاتٍ أممية ودولية، مثل مجلس حقوق الإنسان واليونسكو، ومن وراء وقف تمويل وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا”؟ هذه الأسئلة كلها رهن عناية أعضاء هذا المجلس”، مؤكدا ان الإدارة الأمريكية تسعى  لحماية سلطات الاحتلال الإسرائيلي، من خلال تشتيت الانتباه عن المخاطر الحقيقية التي يتعرَّض لها السلم والأمن الدوليين بسبب استمرار الاحتلال الإسرائيلي، ومن خلال خلق صراعاتٍ قائمة على أسس مذهبية وطائفية وهمية بغيضة خطيرة، قد تتسبَّب بإطالة أمد حالة عدم الاستقرار في تلك المنطقة، أو بخلق حروبٍ وفوضى يصعب مواجهة عواقبها والسيطرة عليها”.

وشدد الجعفري على رسالة الجمهورية العربية السورية، بشعبها وقيادتها، إلى الجانب الأمريكي والإسرائيلي والتي تقول “أن الجولان العربي السوري لنا وسيعود لنا، وإياكم أن تظنوا واهمين بأن أرضنا يمكن أن تكون يوماً جزءاً من صفقة لعينة وخبيثة، أو حجراً في لعبة انتخابية تتبادلون من خلالها الدعم، من أجل أن ينجح المتطرفون في إسرائيل في الانتخابات الإسرائيلية، وتحصل الإدارة الأمريكية في المقابل على تأييد مجموعات الضغط الإسرائيلية في الولايات المتحدة”. أما إذا أرادت الإدارة الأمريكية أن تُظهر الكرم للإسرائيليين، فنحن ندعوها إلى عدم التطاول على ما لا تملك، فالولايات المتحدة الأمريكية واسعة ومترامية الأطراف ولتتنازلوا عن ولاية أو ولايتين من الولايات الأمريكية للإسرائيليين، إذا كانت هذه الإدارة حريصة على رضا إسرائيل عنها.

واختتم الجعفري بيانه بقوله :”يرفض وفد بلادي محاولات ممثل ألمانيا، لاحظوا أنني أقول ممثل ألمانيا، ولا أقول ممثل “النظام الألماني” لأن استخدام كلمة “نظام” معيبة تحت قبة الشرعية الدولية، يرفض وفد بلادي محاولات ممثل ألمانيا حرف الجلسة عن هدفها، وبالتالي فإنني لن أكلف نفسي عناء الرد على تخرصاته غير الدبلوماسية التي لا تليق بالصفة التمثيلية لعضو غير دائم في مجلس الأمن ولا بآداب الخطاب السياسي تجاه بلادي…بلادي دولة مؤسسة لمنظمة الأمم المتحدة أي أننا كنا في عداد المنتصرين على النازية يا زميلي العزيز، الأمم المتحدة ولدت من رماد حرب عالمية طاحنة أزهقت حياة 80 مليون من البشر، وكانت القراءة السياسية الخاطئة لبلادك زميلي مندوب ألمانيا آنذاك سبباً في نشوب هذه الحرب، كما هي اليوم قراءتك السياسية خاطئة تجاه ما يجري في بلادي وتجاه مسألة الدعوة إلى عقد هذه الجلسة، لن أطيل سأقول لك أنك أسات لبلادك اليوم إساءة بالغة، هذه نصيحة مني انا أقدم منك في هذه المنظمة ومضى على عملي هنا عشرات السنوات، من المعيب ألا نتحدث مع بعضنا البعض بشكل قانوني ونحترم اللغة الرسمية تحت هذه القبة الشرعية”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock