مقالات وآراء

اختلاف بالرأي فلا تعاطف ولا تحية

أختلف مع الزميل الكاتب حسن م. يوسف، الذي تحتل مقالاته هذه الزاوية صباح كل أحد، فإنني لا أوجه أي تحية ولست من المتعاطفين مع أسماء كفتارو ولا مع زوجها، ولا يهمني إن كانت على خلاف معه أو على توافق، وكل ما تقوله في حواراتها لا يمكن أن أصفه إلا بالنفاق والانتهازية، مثلها مثل كل «المعارضين» المقيمين في أحضان دول خليجية وأوروبية ويلقنون سوريي الداخل دروساً في الوطنية والمواطنة، ويبتكرون لأنفسهم أدواراً وزعامات لا وجود لها إلا في مخيلاتهم، ومخيلات سادتهم.

ولم أكن أرغب في زيادة «الطين بلة» وأعطي السيدة كفتارو مزيداً من المساحة الإعلامية، وهي لا تستحق حتى أن يذكر اسمها في الإعلام السوري وغير السوري، لأنها بكل تأكيد لا تمثل أحداً ولا تياراً، ولا يمكن أن ترتقي إلى مرتبة «المعارضة» بعد كل الامتيازات التي كانت تحصل عليها في سورية، وكذلك زوجها «المنافق الأكبر» التي تقول إنها على خلاف معه «سياسياً»، وهو لم يكن يوماً ما سياسياً أو قريباً من الساسة والسياسة، وكان فقط من المنافقين المتسلقين الباحثين عن مراكز وامتيازات حصراً لا أكثر ولا أقل، وحتى زواجه من أسماء، كما علمت، كان للاقتراب من دار الإفتاء، في تلك المرحلة، والاستفادة منها قدر المستطاع.

وصراحة أستغرب أن يتعاطف أحد مع أسماء كفتارو، لمجرد أنها تعرضت لموجة من الشتائم والانتقادات، حتى لو كان المتعاطف زميلاً وكاتباً مرموقاً ومثقفاً معروفاً وصديقاً.

ولمَ التعاطف أساساً؟ فهل كل من تشتمه «المعارضات» يجب أن نتعاطف معه؟ وإذا كان هذا هو الحال، فعلينا أولاً أن نتعاطف مع أنفسنا، نحن سوريي الداخل الذين تعرضوا لكل أنواع الشتائم من المعارضات ذاتها، ومن أمثال أسماء كفتارو وغيرها، فوصفونا تارة بالشبيحة، وتارة بالقطعان، ونزعوا عنا كل الصفات البشرية وجردونا من ثقافتنا وتاريخنا وحضاراتنا!
أو ربما كان علينا أن نتعاطف مع الرئيس باراك أوباما الذي تعرض لسيل من الشتائم والانتقادات حين تراجع عن قصف سورية!
وأين تكمن الأهمية في أن تشتم المعارضة أسماء كفتارو أو لا تشتمها؟ وما علاقتنا نحن في صراعات معارضات تمولها مشيخات الخليج وتسوقها، وتديرها الاستخبارات العالمية؟
ثم من قال لهذه السيدة أو لغيرها إن سورية بحاجة لكل أبنائها؟
هي بحاجة فقط لمن صانها وقدسها وقدم الغالي والنفيس من أجلها، أما من غدر بها، فإن سورية ليست بحاجة إليه بكل تأكيد، وحاله حال كل الخونة في كل دول العالم، وإذا كانت الدولة رحيمة مع بعضهم ممن بقوا في الداخل وقاموا بتسوية أوضاعهم، فهذا لا يعني أن تكون رحيمة مع كل السوريين الذين غدروا بالدولة وبالوطن، وعاشوا في كنف المشيخات الخليجية ليعطونا دروساً في الوطنية والانتماء والعلمانية، وينتقدوا فلاناً أو مؤسسة أو جماعات، وهم آخر من يحق له انتقاد من بقي في سورية ولم يغادرها ويغدر بها.

هل نصدق أن السيدة كفتارو أو غيرها من المعارضات أو المعارضين صحوا فجأة من كبوتهم الخليجية و«الدولارية» وباتوا الآن مع الدولة ويريدون العودة إلى سورية ومشاركتنا الوطن والوطنية، والسياسة والمستقبل، بعد أن خذلوا وطنهم وطعنوا فيه؟
وهل نصدق أن منهم من لم يبع نفسه لهذه المشيخة أو تلك، أو لهذا الجهاز وذاك وهو يتمتع بالعيش في أغلى دول العالم؟
دعونا من السذاجة السياسية، وأستغل هذه الزاوية، لأتمنى على كل السوريين أن يكون تعاطفهم باتجاه واحد فقط، مع الذين قدموا أبناءهم ودماءهم وأطرافاً من أجسادهم لحماية سورية، فهؤلاء وحدهم من يستحقون منا التحية والتقدير، وهم بكل تأكيد لا يريدون منا عطفاً وعواطف، بل يريدون موقفاً نحمي من خلاله تضحياتهم الجسيمة، وهذا الموقف يكون من خلال تحصين سورية من كل الخونة والانتهازيين وتحديداً الذين انتظروا انتصارات الجيش السوري ليعلنوا «توبتهم» و«نياتهم» بالعودة إلى سورية.

وهنا لا يهم الحسب والنسب، مع احترامي لكل العائلات السورية أينما وجدت، ولا يهم الجدل الذي يمكن أن تحدثه عبارة بلا قيمة نشرت أو قيلت في أي وسيلة إعلامية كانت، لأن الأهم، هو الانتماء الحقيقي والفعلي إلى أقدس أرض عرفها التاريخ، وإلى أعظم شعب في العالم عانى ما عاناه، وخسر ما خسره، وبقي شامخاً رافضاً أن ينحني إلا لله عز وجل.

فلا أسماء كفتارو ولا غيرها -امرأة كان أم رجلاً- يستحق تعاطف وتحية أي سوري حقيقي كما هو حال زميلنا حسن م. يوسف، وعليها وعلى الآخرين الذين يشبهونها أن يصمتوا، على أقل تقدير، وأن يشعروا بالخجل تجاه كل السوريين، ومنهم العديد من آل كفتارو الكرام، الذين رفضوا مغادرة سورية وصمدوا في مواجهة أكبر عدوان إرهابي عرفه التاريخ، وكانت هي وغيرها من زملائها وزميلاتها في المعارضات شركاء فيه، إن لم يكن بالفعل، فبالقول، والأمنيات وربما بالدعاء، والله أعلم.

وأرجو من زميلنا حسن م. يوسف أن يتسع صدره لاختلافي معه بالرأي، وربما أكون عبرت عن رأي الكثير من السوريين الرافضين لأي تحية لكفتارو ولغيرها ممن تجاهلوا نعمة الوطن عليهم وأنكروها.. وهم كثر ومكشوفون لدينا جميعاً، ولن يخفي عوراتهم أي ثوب يلبسونه، أو سيلبسونه مستقبلاً.

فمن غير المقبول أن يراهن هؤلاء على من يستهدف الوطن، ويعمل على تدميره، وحين يفشلون، هم ومخططاتهم، يقررون الظهور في الإعلام والتشدق بالمشاعر الوطنية الناضحة بالنفاق، مستخفين بمشاعر وذكاء وتضحيات السوريين، ومعتقدين أنهم يمكن أن يعتلوا موجة مختلفة قد تضمن لهم مصالحهم المستقبلية!!.

فالحرب على سورية كانت امتحاناً صعباً لكل السوريين، ومن أخفق في هذا الامتحان بهجرانه وطنه والتربع في حضن الأعداء، لا يمكن له خداعنا من خلال ظهور إعلامي هنا أو هناك.. فكل الكلام الذي قيل أو سيقال يؤكد ويثبت لنا من جديد انتهازية هؤلاء وحرصهم على مصلحتهم الأنانية الضيقة بعيداً عن مصلحة الوطن والسوريين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock