مقالات وآراء

«الوطن» ناطق باسم المواطن

من دون ربطة عنق وبلا موكب ورسميات ومن دون تحديد موعد مسبق بأيام، وصل رئيس مجلس الوزراء المهندس عماد خميس إلى مقر صحيفة «الوطن» في زيارة أرادها غير رسمية بل ميدانية وعملية هدفها كما قال: التأكيد على أهمية الشراكة بين الحكومة والإعلام في شقيه العام والخاص.
لم يرافق رئيس مجلس الوزراء أي من وزرائه، جاء بمفرده مع طاقمه الصحفي ليطمئن الإعلام في سورية عموماً أن الحكومة ممثلة بشخصه ومنصبه تحترم الإعلام ومهتمة بتطويره، وتريد أن تستمع من الإعلاميين مباشرة لهمومهم ومشكلاتهم ورؤاهم من أجل تطوير هذا الإعلام الذي فرض عليه، كما على كل السوريين، حصاراً جائراً في محاولة فاشلة لإسكاته.

خطوة رئيس الحكومة بما ترمز تضع حداً للجدل القائم حول علاقة الحكومة بالإعلام.. فالمهندس خميس أراد من خلال جولته على الإعلام الخاص إعادة هندسة علاقة الحكومة مع الإعلام ووضع النقاط على الحروف تجاه أسلوب صياغة الخبر والحصول على المعلومة وتوعية المواطن السوري بحيث يكون قادراً وحده على فرز الخبر الصحيح من المفبرك مؤكداً في الوقت ذاته وموجهاً مكتبه الإعلامي بأن يكون جاهزاً على مدار الساعات الأربع والعشرين للإجابة عن استفسارات الإعلام ونفي أو تأكيد أي خبر يتم ترويجه على وسائل التواصل الاجتماعي أو في غيرها.

رئيس الحكومة لم يأت إلى وسائل الإعلام الخاصة ليستمع منها فقط، بل جاء مطالباً باحترام هيية الدولة وشرح رؤيته تجاه المقصود بذلك، وهو يعني أنه لا يريد أن يصل أي خبر منقوص أو محرّف للمتلقي تجعله ينظر نظرة مريبة للحكومة أو لقراراتها وتصرفاتها. يريد من الإعلام أن ينقل المعلومة بدقة ومهنية ومن دون اجتهاد في النص أو حتى في العنوان، الأمر الذي أثار جدلاً خلال اللقاء مع المحررين الذين لهم الحق وكل الحق في نقل المعلومة والخبر بالطريقة التي يرونها مناسبة للمتلقي على ألا تكون محرّفة أو منقوصة بطبيعة الأمر.

لن ندخل في تفاصيل الزيارة والحوار الذي دار مع سيادته فقد لقي تغطية خاصة ومتابعة مميزة من جمهور «الوطن» و«الوطن أونلاين»، لكن ما يهمنا هو شكر السيد رئيس مجلس الوزراء على زيارته وهي الأولى لرئيس حكومة في سورية لصحيفة خاصة، ولمن لا يعرف، فالمسؤولون السوريون نادراً ما يزورون الإعلام الخاص، وأذكر أن وزير الإعلام محسن بلال زار الصحيفة عام ٢٠٠٦ يوم إطلاقها، ومنذ ذلك الوقت لم يزرها وزير إعلام ليطلع على آلية عملها على سبيل المثال أو يستمع إلى شكواها – إن وجدت – أو حتى ليعبّر عن حرصه على الإعلام الخاص ودعمه له، ومن هنا كانت خطوة رئيس الحكومة في زياراته للزميلة قناة سما ولإذاعة شام إف إم، خطوة في الاتجاه الصحيح لتأكيد أن الإعلام الخاص في سورية جزء لا يتجزأ من منظومة الإعلام السوري الكلي وأثبت خلال الحرب وقبلها أنه إعلام مهني قادر على منافسة الإعلام الإقليمي ويصنع الخبر السوري ويروجه محلياً وعالمياً.

الإعلام السوري اليوم بحاجة إلى الدعم والحماية، والصحفي السوري يريد المعلومة والخبر ويحتاج إلى احترام مؤسسات الدولة لمهمته ولمهنته، وهذا نداء إلى كل المسؤولين السوريين للتعامل مع الإعلام على أسس شراكة حقيقية، تلك التي تتقبل النقد وتهدف إلى تصحيح الأخطاء ومكافحة الفساد وطرح الأفكار ليستفيد منها معاً المسؤول والمتلقي. فالإعلام منبر مفتوح وليس ناطقاً رسمياً باسم أحد باستثناء المواطن السوري الذي يريد ويطمح أن يكون الإعلام الناطق باسمه وهذا ما نسعى إليه.

مرة جديدة… الشكر للسيد رئيس مجلس الوزراء وعلى أمل أن يتجدد اللقاء وأن ترسخ هذه الشراكة لما فيها من فائدة لصاحب القرار وصاحب مشروع سورية الأفضل والأجمل، تلك التي تحاكي طموح كل سوري أينما وجد، بأن يرى بلاده وبلاد أبناء وطنه من أقوى بلدان العالم أمناً واستقراراً ونمواً وهو السيد الرئيس بشار الأسد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock