مقالات وآراء

مشاريع غامضة في الأرجنتين

حاول المجلس العسكري الأرجنتيني الحاكم في عام 1982 استعادة جزر فوكلاند التي لا تزال تحت الاحتلال البريطاني.
تعترف الأمم المتحدة، من جهة، بشرعية مطالب الأرجنتين، ومن جهة أخرى يندد مجلس أمنها باللجوء إلى القوة لاستعادة تلك الأراضي، لكن الرهان كبير للغاية، لأن المياه الإقليمية لهذا الأرخبيل تتيح الوصول إلى كل ثروات قارة القطب المتجمد الجنوبي، لذا، فرضت لندن في نهاية تلك الحرب معاهدة سلام قاسية بشكل لافت على بوينس آيرس، أحالت قواتها المسلحة إلى أقل قدرة لها على التعبير، ولاسيما حين سُحبت منها السيطرة على المجال الجوي لأراضيها الواقعة في جنوب البلاد وصولا إلى القطب الجنوبي، لمصلحة سلاح الجو الملكي البريطاني، الذي فرض عليها أيضاً وجوب إبلاغ المملكة المتحدة مسبقاً بأي عملية عسكرية في تلك المنطقة.

في عامي 1992 و1994 دمّر هجومان غامضان كلاً من السفارة الإسرائيلية ومقر الجمعية اليهودية في بوينس آيرس.
حصل الهجوم الأول فور مغادرة قادة أجهزة المخابرات الإسرائيلية الناشطين في قارة أميركا اللاتينية إثر اجتماعهم في مبنى السفارة، على حين حصل الهجوم الثاني في سياق الأبحاث المصرية الأرجنتينية المشتركة على صواريخ «كوندور» البالستية، مع حادث غامض أيضاً استشهد فيه نجل الرئيس كارلوس منعم.

لقد كشفت التحقيقات المختلفة عن سلسلة من عمليات التلاعب المتعاقبة، بعد الإشارة بإصبع الاتهام لسورية، وجه المدعي العام، ألبرتو نيسمان التهمة لإيران، بالتخطيط للهجومين، ولحزب اللـه بتنفيذهما، كما تم اتهام السيدة كريستينا كيرشنر، رئيسة الأرجنتين السابقة بالتفاوض على إلغاء ملاحقة إيران قضائيا، مقابل الحصول على النفط بأسعار تشجيعية، وبشكل غامض أيضا، تم العثور على المدعي العام نيسمان ميتا في منزله، على حين اتهمت السيدة كيشنر مجدداً بالخيانة العظمى.

في الأسبوع الماضي، وبينما كنت أقوم بجولة في تلك البلاد، حصل تحول مفاجئ في مسرح الأحداث دمر كل ما كنا نظن أننا نعرفه، حين نشر مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي نتائج تحاليل الحمض النووي التي تثبت غياب الإرهابي المزعوم بين الضحايا، ووجود جثمان لم يتم التعرف على هوية صاحبه، وها نحن بعد ربع قرن من الزمن، لا نزال لا نعرف شيئاً عن تلك الهجمات.

وفي استثمار واضح للمزايا التي جنتها من وراء حرب الفوكلاند، تقوم كل من بريطانيا وإسرائيل بإنشاء مشاريع جديدة في باتاغونيا، على أراض شاسعة يملكها الملياردير البريطاني جو لويس في جنوب الأرجنتين، حيث يقوم بإنشاء مطار خاص بمدرج طوله كيلومتران لاستقبال طائرات النقل المدنية والعسكرية على حد سواء، وتجدر الإشارة إلى أن الجيش الإسرائيلي ينشئ منذ نهاية حرب الفوكلاند، «مخيمات» لقضاء الإجازات السنوية لجنوده في باتاغونيا، الذين يقدر عدد الوافدين منهم بين ثمانية إلى عشرة آلاف مصطاف كل عام، في مخيم شيد فوق أراضيه عشرات آلاف المساكن لاستقبال المصطافين الإسرائيليين، وهذا على حين تنازل الجار التشيلي عن قاعدة بحرية للغواصات الإسرائيلية.

لقد فوجئ هنود المابوتشي الذين يسكنون في باتاغونيا الأرجنتينية والتشيلية بتلقي نبأ إعادة تنشيط حركة مقاومة أجداد المابوتشي في لندن، وهي منظمة غامضة تطالب بالاستقلال، يعتبرها اليسار الأرجنتيني الآن حركة انفصالية شرعية، على حين ينظر إليها قادة المابوتشي الحقيقيون كمبادرة يمولها الملياردير جورج سوروس، ومن المستحيل في الوقت الحالي تحديد ما إذا كانت إسرائيل قد شرعت في برنامج استغلال ثروات قارة القطب المتجمد الجنوبي، أو بناء قاعدة احتياطية لها، في حال تعرضت للهزيمة في فلسطين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock