أكاديمي لـ “الوطن”: حماية الصناعة الوطنية ليست مهمة حكومية حصراً

حماية الصناعة الوطنية ليست حماية عمياء، بل تحتاج إلى تطوير إمكانياتها وتعزيز قدرتها التنافسية. يرى الباحث الاقتصادي الدكتور فؤاد اللحام أن حماية الصناعة الوطنية أصبحت ضرورة في ظل انفتاح السوق السورية، وما تشهده من إغراق بالمنتجات. فقد تعرضت الصناعة الوطنية لتدمير وحصار ومقاطعة خلال حكم النظام السابق، ما أدى إلى انتشار التهريب والفساد.
وأكد اللحام أن الحماية المطلوبة يجب أن تكون فعالة لفترة محددة، تهدف إلى تعزيز قدرة الصناعة على المنافسة في الأسواق الداخلية والخارجية. وأوضح أن حماية الصناعة ليست مسؤولية الحكومة وحدها، بل تتطلب تنسيقاً بين الحكومة والصناعيين والمستهلكين.
على المستوى الحكومي، يجب منع استيراد المنتجات التي تُنتج محلياً وتلبي حاجة السوق، إضافة إلى مكافحة التهريب والتزوير. كما ينبغي توفير بيئة تمكينية لتطوير الصناعة المحلية من خلال إنشاء مؤسسات داعمة وتقديم خدمات التدريب والتأهيل.
وأشار اللحام إلى ضرورة تحديد برنامج زمني للحماية، وتحفيز الصناعيين على تطوير منتجاتهم، وخفض تكاليفها، وتلبية الاشتراطات اللازمة للمنافسة. يجب أن تكون القرارات شفافة وغير موجهة لفئات محددة.
على المستوى الصناعي، يجب الالتزام بأن فترة الحماية لن تدوم، ما يستدعي وضع برامج لتحسين الجودة وتقليل التكاليف. كما يتعين اتباع أساليب إدارة حديثة في الإنتاج والتسويق، مع التركيز على احتياجات المستهلك.
أما بالنسبة للمستهلك، فلا يمكن توقع التزامه بشراء المنتج المحلي إذا كان سعره أعلى أو جودته أقل من المستورد. لذا، يجب تحقيق نوعية جيدة وسعر مناسب للمنتجات، وتوفير ضمانات وخدمات ما بعد البيع.
يجب أيضاً إطلاق حملة وطنية أهلية لتشجيع الصناعة الوطنية، مع تسليط الضوء على دورها في تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية. إن ثقة المستهلك بالمنتج الوطني تجعله مستعداً لشرائه حتى مع تقارب الأسعار.
أهمية التعاون بين الأطراف المعنية:
تعتبر الصناعة الوطنية ركيزة أساسية لتحقيق التنمية المستدامة. لذا، فإن التعاون بين الحكومة والصناعيين والمستهلكين يلعب دوراً محورياً. يجب أن تعمل الحكومة على وضع سياسات تشجع على الاستثمار في القطاع الصناعي، وتقديم الحوافز للمستثمرين المحليين والأجانب. كما ينبغي أن تشمل هذه السياسات تسهيل إجراءات التسجيل والترخيص، وتقديم الدعم الفني والمالي.
من جهة أخرى، يتعين على الصناعيين أن يتحملوا مسؤولياتهم في تحسين جودة منتجاتهم، وتبني الابتكار في عمليات الإنتاج. يجب أن يسعى الصناعيون إلى فهم احتياجات السوق ومتطلبات المستهلكين، والعمل على تلبيتها بشكل فعال.
دور التعليم والتدريب:
يُعتبر التعليم والتدريب جزءاً أساسياً من تطوير الصناعة الوطنية. يجب أن تتعاون الجامعات والمعاهد التقنية مع القطاع الصناعي لتوفير برامج تدريبية متخصصة تلبي احتياجات السوق. كما ينبغي تعزيز ثقافة ريادة الأعمال بين الشباب، وتشجيعهم على دخول سوق العمل من خلال إنشاء مشاريعهم الخاصة.
في الختام، إن حماية الصناعة الوطنية تتطلب جهوداً مشتركة من جميع الأطراف المعنية. يجب أن تكون هناك رؤية واضحة واستراتيجية شاملة تهدف إلى تعزيز القدرة التنافسية للصناعة المحلية. من خلال التعاون والتنسيق بين الحكومة والصناعيين والمستهلكين، يمكن تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة وتحسين مستوى المعيشة في المجتمع.
هناء غانم