إلى قسد من لا يشارك بصناعة الحاضر لن يكون بالمستقبل

بقلم: محمد بسام غنيمة صحفي وناشط إعلامي سوري
دمشق – 9 تموز 2025
يبدو أن بعض اللاعبين في المشهد السوري ما زالوا يعيشون في موسمٍ قديم من مسلسل “الاستقلال الذاتي”، رغم أن كل القنوات الإقليمية والدولية قد بدأت عرض حلقة جديدة بعنوان: “سوريا بعد الأسد – دولة واحدة وحكومة جامعة”،
“قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، والتي طالما طالبت بالاعتراف، تجد نفسها اليوم أمام فرصة ذهبية للاعتراف الكامل والاندماج في الدولة السورية الجديدة… لكنها – وكعادتها – تختار أن تفوّت الفرصة، وكأنها تقول: “لن أذهب إلى العرس، لأن الدعوة وصلتني من دمشق!”
الشرع يفتح الباب… وقسد تتظاهر بأنها لم تسمع الجرس!
منذ تحرير دمشق وسقوط نظام الأسد، أطلق الرئيس السوري أحمد الشرع سلسلة مبادرات وصفها المبعوث الأميركي توماس بارّاك بأنها “الأكثر انفتاحًا منذ عقد ونصف”، تضمنت عفوًا عامًا، إعادة توزيع الثروات، تمثيلًا سياسيًا لكل الأطياف، بل وحتى إعادة هيكلة المؤسسات العسكرية لتشمل جميع التشكيلات.
ومع ذلك، تواصل “قسد” حركاتها البهلوانية في رفض كل دعوة، فتارةً “تدرس المقترحات”، وتارةً “تشترط ضمانات إضافية”، وتارةً أخرى “لا ترى الجو مناسبًا”، ولا نعلم إن كانت تنتظر اجتماع كواكب المجرة، أم فقط نهاية الموسم السياحي في الحسكة، كي تبدأ التفكير في مصلحة الوطن.
دمشق بلهفة الأخ الكبير: “الوقت ليس للعناد”
“الحكومة الجديدة لا تطلب الولاء، بل تطلب فقط أن نكون جميعًا داخل المركب قبل أن تُغلق أبواب السفينة”
وبلغة أوضح: “لا أحد يمكنه بناء دولة من وراء الخريطة، ولا تحت مظلة الوهم.”
ورغم وضوح الرسالة، يبدو أن قسد ما زالت تظن أنها تعيش في “سوريا أخرى” ورسالة دمشق موجهة عبر تطبيق “زووم”، وليس إلى الوقائع على الأرض.
بين الإدارة الذاتية… والإدارة الوهمية
المفارقة الساخرة أن “قسد” تطالب اليوم بنفس المطالب التي تضمنتها المبادرة الرئاسية الأخيرة، لكنها ترفضها فقط لأنها جاءت من دمشق! وكأن الاعتراف لا يُعتد به إلا إذا جاء من واشنطن مباشرةً مع شهادة تصديق من الأمم المتحدة وهدية رمزية من الناتو.
في المقابل، القيادة في دمشق تبدو وكأنها تقول: “تريدون دولة؟ ها هي. تريدون نفطًا؟ لدينا فائض، تريدون شراكة؟ تفضلوا. تريدون المريخ؟ سنبحث الأمر!”… لكن “قسد” لا تزال في مقاعد الانتظار، تشرب الشاي وتفكر: “هل نذهب… أم ننتظر عرضًا أفضل من جزر القمر؟”
ختامًا… نصيحة من القلب (والعقل)
إلى إخوتنا في قسد:
الدولة لا تُبنى بالأحلام الثورية المؤجلة، ولا بالإصرار على الهوامش. من لا يشارك في صناعة الحاضر، سيُفرض عليه مستقبل لا يريده. والوقت ليس في صالح أحد.
كفى تمسّكًا بلغة “الخصوصية العرقية”، وكأنها حجة لرفض العيش المشترك. لقد دُعيتم إلى الطاولة، ولم يُطلب منكم سوى الجلوس. أما إذا كنتم تفضلون البقاء في الزاوية، فالتاريخ – كما تعرفون – لا ينتظر أحدًا… ولا يعيد نفس العرض مرتين.