اقتصادالعناوين الرئيسية

اقتصاد الظل.. خطأ لابد منه.. ودور حكومي لتحويله إلى اقتصاد الإنعاش

حيث تراجع الاقتصاد الرسمي، خرج من بين أنقاض الحرب في سوريا كائنٌ اقتصادي هائل.. هو اقتصاد الظل الذي لم يعد هامشياً، بل تحول إلى قلبٍ مظلم ينبض بحياة الملايين، مستفيداً من فراغ المؤسسات ووطأة العقوبات.
أستاذ التمويل والمصارف في كلية الاقتصاد في جامعة حماة الدكتور عبد الرحمن محمد قال: اقتصاد الظل، أو الاقتصاد غير الرسمي، ظاهرة اقتصادية معقدة تتسم بالأنشطة التي تتم خارج نطاق القوانين والأنظمة الرسمية. وفي سوريا تفاقم هذا الاقتصاد نتيجة الحرب، والعقوبات الاقتصادية، وانهيار مؤسسات الدولة، ما جعله شريان حياة لملايين السوريين، معتبراً أنه يشكل تحدياً كبيراً أمام إعادة بناء الاقتصاد الوطني.
وأوضح أستاذ الاقتصاد أن اقتصاد الظل في سوريا لم يتقلص، بل أعاد تشكيل نفسه ليصبح أكثر تعقيداً وشمولية. فالحرب والعقوبات الاقتصادية أدتا إلى انهيار الاقتصاد الرسمي، ما أفسح المجال أمام اقتصاد الظل ليصبح بديلاً رئيساً، وأضاف: وفقاً للتقديرات يمثل اقتصاد الظل أكثر من 60 -70 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، وهو ما يعكس توسعاً كبيراً مقارنة بفترات سابقة.
وأوضح محمد أن هذا الاقتصاد لم يعد مجرد هامش اقتصادي، بل أصبح شبكة واسعة تشمل التهريب، والتجارة غير الرسمية، والخدمات غير المرخصة، ما جعله منافساً قوياً للاقتصاد الرسمي.
واستعرض محمد أسباب إعادة تشكيل اقتصاد الظل التي تشمل: ضعف الرقابة الحكومية وتراجع مؤسسات الدولة، ارتفاع معدلات البطالة والفقر، إلى جانب العقوبات الاقتصادية التي دفعت الأفراد والشركات إلى اللجوء للأنشطة غير الرسمية لتجنب الضرائب والقيود.
وبيّن محمد أن السوق السوداء لم تنتهِ في سوريا بعد التحرير،، بل توسعت بطرق جديدة نتيجة استمرار التحديات الاقتصادية، واستعرض القطاعات الرئيسة التي شهدت نشاطاً في السوق السوداء، لافتاً إلى أن تهريب المحروقات بين سوريا ولبنان لا يزال نشطاً، حيث يُعتبر مصدراً رئيساً للربح في ظل ارتفاع أسعار الوقود محلياً، مضيفاً: يشار إلى تورط أشخاص من سوريا مع جهات دولية في هذه العمليات، ما يعكس تعقيد الشبكات التي تدير هذا النشاط.
وأشار إلى نشاط السوق السوداء للدواء، فالأدوية المفقودة في الصيدليات الرسمية تظهر بأسعار مرتفعة في السوق السوداء، ما يثقل كاهل المواطنين، معيداً هذا النشاط بأنه يعكس ضعف الرقابة الحكومية واستغلال التجار للأزمات الصحية.
كما توسعت أنشطة السماسرة في مجالات مثل العقارات، وتحويل الأموال، وتجارة السلع الأساسية، مستغلين ضعف النظام المصرفي والقيود المفروضة على التحويلات المالية، إضافة إلى انتعاش تجارة السلع المهربة، إذ دفعت العقوبات الاقتصادية إلى زيادة تهريب السلع الأساسية، ما أدى إلى انتشار منتجات غير مطابقة للمواصفات في الأسواق المحلية.
وختم أستاذ الاقتصاد بالقول: يمثل اقتصاد الظل في سوريا تحدياً كبيراً أمام جهود إعادة الإعمار وبناء اقتصاد مستدام، وإن توسع هذا الاقتصاد ليصبح جزءاً لا يتجزأ من الحياة اليومية للسوريين، فإنه في الوقت ذاته يضعف الاقتصاد الرسمي ويزيد من تعقيد الأزمات الاقتصادية.. ويكمن الحل في تعزيز الشفافية، وتحسين الرقابة الحكومية، وتقديم حوافز لدمج الأنشطة غير الرسمية في الاقتصاد الرسمي.
وبصراحة من دون هذه الخطوات سيظل اقتصاد الظل عقبة رئيسة أمام تحقيق الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي في سوريا.

محمد راكان مصطفى

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock