العناوين الرئيسيةسوريةسياسة

الذكرى الأولى للتحرير.. عام أول يرسم مسار العقد المقبل

تمر الذكرى الأولى لانتصار الثورة، في مثل هذه الأيام، قبل عام دخلت سوريا صفحة جديدة من تاريخها، صفحة لم تكتب بالحبر وحده، بل بتضحيات شعبٍ آمن بأن للحرية ثمناً، وأن المستقبل يمكن أن يُنتزع مهما طال الظلام.

وبعد عام مضى تستعيد البلاد أسئلة السياسة، ومعارك الذاكرة، وتحديات ما بعد التغيير، فلم يكن ذلك الانتصار مجرد تحول في رأس السلطة، بل تحول في طبيعة السلطة ذاتها، وفي علاقة السوريين بدولتهم.. عام كشف ملامح مرحلة انتقالية صعبة، لكنه أكد أيضاً أن سوريا لم تعد كما كانت، فسوريا بعد عام تستند إلى المؤسسات لا الأشخاص، إلى المشاركة لا الإقصاء.

ذاكرة تُكتب من جديد 

قبل عام واحد فقط، كان السوريون يقفون عند منعطف تاريخي لم تشهد البلاد مثله منذ عقود، ففي ذلك اليوم الذي دوّى فيه إعلان انتصار الثورة، لم يكن السوريون يحتفلون بتغيير سياسي فحسب، بل بولادة زمن جديد أعاد تعريف معنى الوطن ومعنى المواطنة، واليوم، في الذكرى الأولى لذلك التحول المفصلي، تبدو الساحة السورية أمام اختبار جمعي.. كيف تُبنى دولة الحرية بعد أن دفعت ثمناً باهظاً للخلاص من قمع واضطهاد النظام البائد؟

خطوات أولى على طريق طويل 

خلال السنة الماضية، بدأت ملامح الحياة السياسية الجديدة تتشكّل تدريجياً، حيث شهد السوريون انفتاحاُ إعلامياً غير مسبوق، انتخابات محلية، وتوسعاً في دور المجتمع المدني، ورغم التحديات التي تواجه المؤسسات الناشئة من نقص الكوادر إلى إرث الفساد إلا أن الأساس الذي بُني عليه المشهد الجديد يبدو أكثر صلابة مما كان يُعتقد.

من رعايا إلى مواطنين 

أحد أبرز إنجازات العام الأول هو التحول العميق في الوعي الجمعي، فقد بات السوريون ينظرون إلى أنفسهم بوصفهم شركاء في صياغة مستقبل بلادهم، لا مجرد مُتلقّين لقرارات فوقية، وتصاعد صوت الشباب الذين عاصروا الثورة، فكانوا أكثر إصراراً على تكريس قيم الحرية والعدالة والمساءلة، وفي الوقت ذاته، ظهرت مبادرات واسعة لترميم العلاقات بين مكوّنات المجتمع المختلفة، وتجاوز الجراح التي خلّفتها سنوات الحرب.

إعادة الإعمار  

لا تزال سوريا في بداية الطريق نحو إعادة إعمار ما دمرته الحرب، ورغم بدء تنفيذ بعض المشروعات الخدمية والبنى التحتية، فإن حجم الدمار يحتاج إلى جهود طويلة الأمد، ومع ذلك عاد آلاف المهجّرين إلى ديارهم، وبدأت الأسواق تستعيد شيئاً من حيويتها، وظهرت مبادرات اقتصادية محلية تستند إلى روح المبادرة التي أطلقتها الثورة.

مرحلة جديدة من العلاقات الدولية 

مع انتصار الثورة، فُتحت أمام سوريا أبواب جديدة للتعاون الدولي، فالدول التي كانت تتابع المشهد السوري من بعيد باتت اليوم ترى في استقرار سوريا عنصراُ أساسياً لاستقرار المنطقة، وبين الدعم السياسي والمشروعات التنموية، تسعى البلاد  إلى نسج علاقات متوازنة تحفظ مصالحها وتدعم مسارها الجديد.

بداية الطريق 

الذكرى الأولى لانتصار الثورة ليست محطة للاحتفال بقدر ما هي محطة للتأمل والمراجعة، فالطريق نحو بناء دولة القانون لا يزال طويلاُ، والتحديات كثيرة، لكن الأكيد أن سوريا اليوم تقف على أرضية مختلفة، وأن إرادة شعبها، الذي خرج مطالباً بحريته، ما زالت هي البوصلة.

الوطن

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock