العبسي: هناك محاولات لإرباك المشهد مع اقتراب السوريين من يوم التحرير

أوضح المحلل السياسي عصمت العبسي أن البيان الصادر عن غزال عزال، وما تضمنه من دعوات للنزول إلى الشارع ورفع شعارات ذات طابع استقطابي، فتح النقاش مجدداً حول طبيعة التحركات التي تشهدها بعض المناطق السورية، وحول الأطراف التي يُقال إنها تقف خلف محاولات إعادة إنتاج الانقسام الداخلي في هذا التوقيت الحساس.
وأشار العبسي إلى أن البيان جاء مغلفاً بشعارات “مطالبية”، إلا أن توقيته وتزامنه مع دعوات مماثلة خرجت من “قسد” وحكمت الهجري في السويداء، يشير إلى وجود مخطط خارجي لإحياء الفوضى في الشارع السوري بهدف التشويش على المرحلة السياسية الجديدة، وعرقلة التعافي الاقتصادي والاجتماعي الذي تشهده البلاد، وخاصة مع اقتراب يوم التحرير وانتصار الثورة السورية.
ولفت إلى أن هذا البيان حظي بتغطية إعلامية إسرائيلية اتسمت بنبرة احتفائية، الأمر الذي يعد مؤشراً على وجود رغبة خارجية في تضخيم أي توتر داخلي، لا سيما بعد فشل محاولة استثمار جريمة القتل التي شهدتها بلدة زيدل في حمص قبل أيام، والتي حاول بعض الأطراف توظيفها بوصفها شرارة لإشعال احتقان أهلي، ورغم أن التحقيقات لم تنته بعد، إلا أن التوقيت وطريقة التعاطي الإعلامي للبعض مع الحادثة أعطيا مجالاً واسعاً لاتهامات متبادلة ومخاوف مشروعة من وجود مساعٍ لافتعال شرخ بين مكونات المجتمع السوري.
وشدد على أن التزامن بين بيان غزال عزال وبين ما يوصف بمحاولات تحريك بعض الشخصيات في السويداء أو في شمال شرق سوريا ليس محض مصادفة، بل يأتي في إطار نمط تحركات يُنظر إليها على أنها تستهدف إبقاء الساحة السورية في حالة اضطراب دائم، مشيراً إلى أن هذه القراءة تستند إلى قناعة راسخة لدى شرائح واسعة بأن إسرائيل لا تزال تنظر بقلق إلى التحولات الإقليمية الأخيرة، وإلى الحضور المتزايد لسوريا الجديدة سياسياً ودبلوماسياً واستثمارياً، وهو ما قد يدفعها إلى محاولة إرباك المشهد السوري من خلال أدوات محلية أو إعلامية.
واستعرض العبسي المفارقة اللافتة في طريقة تعامل الدولة السورية مع تظاهرات اليوم، إذ أظهرت مقاطع الفيديو وصور المتظاهرين أن الأجهزة الأمنية وقوات الجيش عملت على حمايتهم بدلاً من مواجهتهم، في مشهد غير مألوف لمن عاش سنوات حكم النظام البائد الذي كان يلجأ إلى العنف المباشر ضد المحتجين، مبيناً أن هذه المقاربة الجديدة تشير إلى تحول عميق في بنية الدولة السورية وإلى ثقة أكبر بالنفس، إضافة إلى نزع الذرائع من أيدي الأطراف الساعية إلى تصوير الدولة كطرف ضعيف أو عاجز.
وأكد العبسي أن سوريا تواجه تحديات عديدة في الوقت الراهن، وخاصة مع اقتراب ذكرى يوم التحرير وانتصار الثورة السورية في 8 كانون الأول. وأوضح أنه من الطبيعي أن تزداد محاولات التشويش والضغط في هذه الفترة، إلا أنها ستظل مجرد محاولات إعلامية فارغة، نظراً لقدرة السوريين والدولة على إدارة الاختلافات والتعاون في بناء مستقبلهم المشترك.
وشدد على أن الرد الحقيقي على هذه الدعوات لا يكون بالانجرار وراء خطابها الفتنوي، بل بتعزيز الوحدة الوطنية والتمسك بخطاب جامع يرفض تحويل السوريين إلى أدوات في مشاريع خارجية، إضافة إلى محاسبة المجرمين الذين يرغبون في تفجير الوضع وإشعال الفتنة لحماية أنفسهم وأجنداتهم الضيقة.
الوطن