مقالات وآراء

الكراسي بين القداسة والدناسة

سهام يوسف

يبدو أن للكراسي مفعولاً سحرياً في الأذهان ومكانة خاصة في القلوب على مستوى العالم!

وبريق أحلام الوصول إليها والجلوس عليها يكاد يخطف الأبصار ويعمي البصيرة مهما كان مستواها، وبغض النظر إن ارتفع المقام بها أم انحدر وانحط عنها، وتثير طرق وأساليب التنافس لتحقيق النجاح والفوز بها الاستغراب والدهشة وحتى الحيرة في أمر هؤلاء اللاهثين خلفها.

ما إن يتم الإعلان في أي بلد من بلدان العالم في عصرنا الحالي عن انتخابات برلمانية، حتى نرى أن بعضاً من أصحاب الثروة وأهل الثراء من “الأميين والتجار” في مقدمة المرشحين لشغل الكراسي البرلمانية، ولا ضير من هذا الأمر إن كانت غايتهم نبيلة ومقاصدهم شريفة وأهدافهم خدمة أوطانهم، ولكن التجارب التي عاشتها الشعوب وتعيشها حالياً تشير إلى أن الجلوس على الكراسي البرلمانية أصبح عند هؤلاء نوعاً من أنواع الترف الذي بلغ حدّ التورّم الدماغي والنفسي والمالي، وذهبت بهم الظنون إلى الاعتقاد بأن كرسي البرلمان سيجبُّ ما قبله من فساد.

ليس كرسي البرلمان وحده الذي يعاني من مرض العصر هذا، فصفحات التاريخ مليئة بالروايات التي تقص علينا الكثير الكثير من الأحداث المليئة بالمآسي في مسار التنافس على الكراسي بمختلف أشكالها وأسمائها الرئاسية أو الملكية أو الدينية أو البرلمانية أو الفنية وحتى في مسابقات اختيار ملكات الجمال.

في الوقت ذاته نجد أن عقلاء القوم وأصحاب العقول من الفضلاء والعلماء والحكماء مغيبون ومبعدون عن ميدان التنافس فلا قولٌ لهم يسمع ولا أمرٌ لهم يطاع!

أما آن الأوان لنعير التفاتة إلى هؤلاء ونبحث عنهم ونأتي بهم ليكونوا لنا بوصلة كي لا نضلَّ الطريق، وليكونوا دربّ أمان كي لا تفرقنا السبل؟ أم إننا فقدناهم بين عبثية الاستقصاء عنهم والاستعصاء في اكتشافهم، رغم وضوح مواقعهم.

إن أقصى ما نحلم به، هو ألا نضيع بين مفهوم قداسة الكراسي ودناسة طرق الوصول إليها .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock