باحث سياسي لـ”الوطن”: المسار الدبلوماسي للحكومة السورية الجديدة سيؤتي ثماره

توقّع الكاتب والباحث السياسي السوري، سامر العاني، أنّ يؤتي المسار الدبلوماسي الذي تنتهجه الحكومة السورية الجديدة ثماره، لكون البيئة الإقليمية والدولية باتت أكثر ميلاً إلى تسويات تعيد الاستقرار للدولة، كما أن تعدد قنوات التواصل وارتفاع وتيرة الانفتاح السياسي يخلق فرصاً إضافية لإغلاق الملفات العالقة.
وحول سياسة الحكومة السورية مع ملفي السويداء و”قوات سوريا الديمقراطية-قسد”، خلال العام الذي مضى منذ تحرير سوريا من نظام بشار الأسد، قال العاني في تصريح لـ”الوطن”: إن “ما يجري في السويداء ليس أزمة بالمعنى التقليدي، بل هو مشكلة معقّدة نتجت عن استغلال تيار داخل المحافظة لظروف ما بعد التحرير، واتجاهه نحو الارتباط بكيان الاحتلال الإسرائيلي والاستقواء به على الدولة السورية” .
وحسب العاني فان هذا الملفّ يتجه نحو الحسم قريباً، معرباً عن اعتقاده أنه لا يُعقل أن تتبنّى الولايات المتحدة الأميركية سياسة إنهاء الميليشيات في الشرق الأوسط عموماً وفي سوريا خصوصاً، ثم تسمح لإسرائيل بدعم ميليشيا محلية تناقض هذه السياسة.
أمّا فيما يتعلّق بملف وجود “قسد” التي تسيطر على مساحات كبيرة من مناطق شمال وشمال شرق سوريا، فرأى أنّ “هذا المسار يسير نحو حسم عسكري محدود عبر عمليّات محدودة إذا لم تلتزم “قسد” باتفاق 10 آذار.
وقال:”في المحصلة، أرى أنّ المسار الدبلوماسي الذي تنتهجه الحكومة السورية سيؤتي ثماره، لأن البيئة الإقليمية والدولية باتت أكثر ميلاً إلى تسويات تُعيد الاستقرار للدولة، كما أن تعدد قنوات التواصل وارتفاع وتيرة الانفتاح السياسي يخلق فرصاً إضافية لإغلاق الملفات العالقة”.
وأوضح أن “هذا المسار، وإن بدا بطيئاً، يضع الأساس لمعالجة جذور المشكلات، وليس أعراضها فقط، ويُمهّد لحلول أكثر استدامة على المستويين الأمني والسياسي”.
وحول قيام متزعم “قسد” مظلوم عبدي بتحريض أميركا في مقابلة مع صحيفة “جيروزالمبوست” الإسرائيلية بأن يكون رفع “قانون قيصر” مشروطاً، ومحاولته إثارة النعرات الطائفية مُجدداً، وإرسال رسائل تهديد لدمشق، قال العاني: “في نهاية المطاف، تسعى إسرائيل إلى خلط الأوراق داخل سوريا لتغطية جوهر سياستها القائمة على التوسّع وفرض وقائع جديدة في المنطقة، حيث يُعدّ السلاح الإعلامي أحد أبرز أدواتها في هذه المعركة، لذلك تُوظّفه بكثافة للتأثير في الرأي العام وصناعة سرديات تخدم مصالحها”.
وأوضح أن ما قاله عبدي “يندرج في إطار المماطلة في تنفيذ اتفاق 10 آذار، ومحاولة كسب الوقت وتعديل شروط التفاوض، فالتباطؤ في تنفيذ الاتفاق لا ينفصل عن سياق أوسع من الضغوط السياسية والإعلامية التي تهدف إلى إعادة تشكيل مسار التفاهمات، وعلى المدى القريب، سيؤثر هذا السلوك في ديناميكية العلاقة بين الأطراف، لكنه لن يغيّر من الحقيقة الأساسية، فأي اتفاق محكوم في النهاية بميزان القوى وبالظروف الميدانية والسياسية التي تميل حالياً نحو فرض تنفيذ الالتزامات، لا الاستمرار في تأجيلها”.
وحول تقييمه للوضع في سوريا خلال العام الذي مضى على التحرير، ذكر العاني أنه “لا يمكن تقييم الوضع في سوريا ككتلة واحدة، بل ينبغي تقييمه وفق ملفات منفصلة لكلّ منها خصوصيته وتعقيداته، فعلى سبيل المثال، نجحت السياسة الخارجية في بلوغ مستوى مقبول من الدبلوماسية، ما قد يفضي في نهاية المطاف إلى تخفيف العقوبات المفروضة، وفي مقدمتها قانون قيصر” ،في المقابل، وبحسب العاني “ما يزال ملفّ الأمن الداخلي يواجه إشكالات عميقة لم تُحل بعد، ولا سيما في المناطق البعيدة عن المركز، حيث يظهر ضعف الأداء الأمني وعدم قدرة بعض الكوادر على التعامل بكفاءة مع المواطنين بما يضمن الاستقرار، كذلك يُلاحظ ضعف كبير فيما يخص ملف الشؤون الاجتماعيّة، وهذا ينعكس على ما نراه بشكل يومي في الشوارع والأزقّة”.
وينسحب الأمر ذاته من وجهة نظر العاني على الملف الاقتصادي، “إذ لم يتحقق تقدّم يُذكر باتجاه تحسين معيشة السوريين وأوضاعهم المعيشية، مضيفاً: “ما نزال -في المحصلة – نعاني إرث مرحلة بائدة لم نتجاوز عوائقها حتى الآن، وباعتقادي ما تزال بعض الوزارات تتعامل بطريقة التدريب والتجريب”.
الوطن