بيان الهجري.. الوجه الآخر لمؤتمر “قسد”

لم يكن مرور يوم واحد فقط بين مايسمى “مؤتمر المكونات” الذي نظمته “قسد” في الحسكة، وبيان حكمت الهجري الذي شكر فيه إسرائيل علناً، مجرد مصادفة سياسية، بل جاء ليكشف خيطاً عريضاً يربط بين الحدثين وهو إعادة رسم الجغرافيا بما يخدم أهداف الاحتلال الإسرائيلي والمشاريع الخارجية المشبوهة.
الهجري، الذي يقدمه الإعلام الإسرائيلي على أنه “مرجعية وطنية”، أعاد في بيانه الأخير ترديد اتهامات مكررة وملفقة، في الوقت الذي يرفض فيه كل الحلول السياسية، بما فيها تلك التي اقترحها بنفسه، بل أن سجل ممارساته يكشف انخراطه في سياسة تغيير ديمغرافي ممنهج، أفرزت نحو 170 ألف لاجئ ومهجّر من مناطق السويداء، وهو رقم يطابق تماماً ما تسعى إسرائيل لفرضه من تغييرات سكانية في أكثر من موقع عربي.
وعلى النقيض من ذلك، تدخلت الحكومة مراراً لفض النزاعات التي أشعلها الهجري، كما نجحت بالتعاون مع الأمم المتحدة في إدخال المساعدات إلى المحافظة، وسط تغطية إعلامية مفتوحة، في مواجهة محاولات العزل والتعتيم، لكن الهجري، وفي انسجام مع أجندته الخاصة تعمد تحويل المساعدات إلى أداة سياسية، يوزعها تحت سقف الولاء له ولحلفائه، ويحجبها عمن لا يدخل في منظومته، في خطوة تهدف إلى إخضاع الناس بفتات المساعدات مقابل الصمت.
ويبدو مشهد الشكر العلني لإسرائيل ليس جديداً على خطاب الهجري، لكنه اليوم يكتسب معنى أعمق عندما يوضع إلى جانب ما جرى في مؤتمر “قسد”، فكلا الحدثين يمثلان وجهين لعملة واحدة وهي محاولة إضفاء شرعية محلية على مشاريع التقسيم، سواء عبر واجهة “المكونات” أو عبر “المرجعيات الدينية” التي تحولت إلى منصات سياسية تمارس الدور نفسه.
ورغم أن الهجري يقدم نفسه عبر بيانه بالمخلص والمنقذ، لكنه لم يقدم أي مطلب يخدم أبناء السويداء، بل سعى منذ وقت طويل لربط المحافظة بإسرائيل، عبر محاولاته لفرض ممرات أو تغيير الواقع الجغرافي والسياسي لكنها فشلت جميعاً، ويبقى الضرر الأكبر ما ألحقه من عزلة كاملة للسويداء، إضافة إلى معاناة أهلها اليومية جراء سرقة المعونات التي تقدمها الحكومة .
وبات من الواضح أن بيان الهجري اليوم، كان مخططاً ومدروساً وليس موقفاً عابراً، فإذا كان مؤتمر “قسد” قد أظهر جانباً من هذا المشروع في الشمال الشرقي، فإن الهجري أظهر جانبه الآخر في الجنوب، لتكتمل صورة المشروع المسخ وهدفه تفكيك سوريا وتدويل قضيتها، وفقاً لأوامر مشغليهم في جبال قنديل وتل أبيب.
ويبقى مواجهة هذا التيار قائماً بإعادة تثبيت الوحدة الوطنية، ورفض كل أشكال الانخراط في مشاريع الاحتلال، أياً كانت اللافتة التي تختبئ خلفها، ولا شك أن أبناء السويداء بتاريخهم المشرف يقفون إلى جانب إخوانهم السوريين في مواجهة هذه المشاريع المشبوهة.
الوطن