من الميدان

تركيا تسعى لمنع تكرار سيناريو حلب في إدلب؟

أثار دخول روسيا على خط التفاوض في أنقرة وبرعاية من الاستخبارات التركية مع الفصائل المسلحة في حلب بهدف التوصل لاتفاق يخرج محاصريها من عاصمة الشمال السوري، أثار تساؤلات كثيرة حول حقيقة “التفاهم” الحاصل بين أنقرة وموسكو لمرحلة ما بعد حلب التي كان تحريرها من الجيش السوري وحلفائه وقتئذ شبه محسوم في انتظار وضع اللمسات الإجرائية الأخيرة عليه وبتوقيع تريده الأخيرة بإمضائها هي وحدها.

أما الدور التركي بتوفير ظروف سقوط حلب وما تشيعه وسائل الإعلام عن تسليم أنقرة بحتمية استردادها إلى حضن الشرعية وتسهيل العملية عبر سحبها لمئات المسلحين إلى شمال حلب للمشاركة بعملية “درع الفرات” فمشكوك أمره لأن الحكومة التركية دعمت لوجستياً وبشكل منقطع النظير معركتي ميليشيا “جيش الفتح” لفك المسلحين الحصار عن زملائهم المحاصرين في الأحياء الشرقية من المدينة من خلال ما أطلقوا عليه “ملحمة حلب الكبرى” بنسختيها الأولى والثانية، ولذلك لا يمكن البناء على مثل هذه التحليلات في التنبؤ بتبدل تعاطي تركيا بشكل جذري مع ملف حلب التي تعتبرها من أهم أسس أمنها القومي.

مع إصرار الجيش السوري وحلفائه على الحسم واقتراب موعد توحيد حلب، وجدت حكومة “العدالة والتنمية” نفسها في موقف محرج جراء عدم مقدرتها على نصرة أزلامها من الميليشات المسلحة في حلب فروجت لـ “صفقة” مزعومة مع روسيا فلاديمير بوتين تقول: “حلب مقابل الباب” لتبرير موقفها منهم وعجزها عن نجدتهم إلا أن المجريات الميدانية أكدت أن الحكومة السورية ليست في صدد التخلي عن المدينة لصالح ميليشات “درع الفرات” ومن خلفها الجيش التركي بعدما فشلوا مراراً في دخول الباب واقتراب الجيش السوري إلى مسافة 3 كيلومترات منها وحشده نخبة من قواته في قاعدة مطار كويرس العسكرية القريبة منها.

وبعودة حلب إلى حضن الوطن، راحت تركيا في اليومين الأخيرين ومن خلال تسريبات إعلامية مختلقة تدعي أنها تدخلت بقوة لمنع اندماج فصائل الشمال السوري مع “جبهة النصرة” التي غيرت اسمها إلى “جبهة فتح الشام”، وذلك بهدف إبعاد الفصائل عن الاستهداف الروسي والأمريكي لها كونها تضم فصيلاً إرهابياً لا زال مدرجاً على لوائح الإرهاب الأمريكية والمطلوب الأول لموسكو مع تنظيم “داعش”.

والحال أن الحكومة التركية، وبتوجيه مباشر من الرئيس رجب طيب أردوغان، حريصة كل الحرص على توحيد فصائل الشمال في جسم عسكري واحد وصهرها في بوتقة ميليشيا “جيش الفتح” التابعة لها والممولة منها بهدف الوقوف في وجه الجيش السوري العازم على متابعة زحفه باتجاه ادلب بعد التفرغ من توحيد حلب، وهو ما تشير إليها توقعات مراكز الدراسات العالمية وتحليلات المتابعين للعمليات العسكرية السورية.

ومن المؤكد أن موقف موسكو يظل متبايناً مع موقف أنقرة حيال الخطوة الجديدة المرتقبة لتحرك الجيش السوري والقوات الرديفة له سواء من الناحية العسكرية التي يبقى مفتاحها بيد دمشق أو من الناحية السياسية التي تعول على انطلاق الحوار السوري السوري في الأستانة أو جنيف وبتنسيق معهود بين القيادتين السياسيتين السورية والروسية لا كما تروج له التسريبات التركية عن عزمها حل “النصرة” إرضاء لموسكو مقابل استكمال تطبيق بنود “صفقة” جديدة مع موسكو وبرضى طهران تقضي بحل سياسي يشرك المعارضة المسلحة في الحكم وفق ترتيبات محددة وإصلاح سياسي مزعوم وبغض النظر عن وجهة نظر وموقف الإدارة الأمريكية الجديدة بعد قدوم الرئيس دونالد ترامب.

خاص – الوطن أون لاين- حلب

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock