ثقافة المقاومة والتحدي..
بقلم : وضاح عبد ربه
افتتح يوم أمس في التكية سليمانية وسط دمشق معرض “منتجين ٢٠٢٠” الذي يتجاوز مفهوم معرض المنتجات، ليصل بنا إلى مفهوم ثقافة المقاومة التي طالما كانت راسخة في فكر وتربية أغلبية السوريين.
فالمعرض ليس فقط للمنتجات وللحرف المصنوعة يدوياً، بل هو معرض تحد، ومعرض مقاومة، ومعرض نضال، يجسده كل مشارك، وهو يروي كيف نهض بورشته أو معمله من تحت الركام ليعود إلى الإنتاج، ويعود إلى الحياة، متحدياً ظروف الحرب والحصار و”قيصر” وتأثيراتهم على القوة الشرائية للمواطن السوري وعلى الوضع الاقتصادي العام، وكل ذلك برعاية وتشجيع من السيد الرئيس بشار الأسد، الذي كان ولا يزال يؤمن بأن كل مواطن سوري انتصر على الحرب وتمسك بأرضه ووطنه، هو مقاوم حقيقي، ووحده القادر على إعادة بناء سورية واقتصادها ومجتمعها الذي حاول أعداء سورية تمزيقه على مدار السنوات العشر الأخيرة، وعلى مدار عقود من الزمن من خلال عقوبات جائرة لم تنجح في إركاع السوريين الواعين لمآرب الغرب ومشاريعه.
في لقاءه أعضاء مجلس الشعب في آب الماضي، أكد الرئيس الأسد على أهمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة وضرورة أن يتوجه الدعم الحكومة لتلك المشاريع، وقال: “يجب أن ندعم اليوم الاستثمار الصغير لأنه أكثر قدرة على حَمل الاقتصاد الوطني، وأكثر قدرة على تحمل الضغوطات وعلى مواجهة الحصار”، وما نشاهده اليوم في معرض “منتجين٢٠٢٠” هو ترجمة فعلية لكلام سيادته، الذي بات برنامج للحكومة هدفه دعم مواجهة السوريين للتحديات الاقتصادية، ودعم المنتج السوري ليتم تسويقه وتصديره منا سينعكس ايجاباً على الاقتصاد وعلى كل مواطن.
“المنتج بطل”.. قد يكون هذا شعار للمعرض، لكنه من أصدق الشعارات التي يمكن استخدامها لوصف كل صناعي تشبث بالأرض وبالملك ونهض بالإنتاج، رافضاً الإحباط والضغوطات التي مورست عليه إعلامياً واقتصادياً، وبقي في سورية، ليشكل جيشاً رديفاً إلى جانب إخوته أبطال الجيش العربي السوري في تحصين وصون عزة وكرامة سورية التي عجزت أقوى دول العالم عن زعزعتهما.
إنها ثقافة المقاومة والتحدي، تلك التي استمدها كل سوري بقي في سورية من السيد الرئيس بشار الأسد، والذي بدوره قدم كل ما يلزم للمشاريع الصغيرة والمتوسطة لتكون قادرة على النهوض وتجاوز العقبات المالية والإدارية، إيماناً منه بأن هذه المشاريع هي التي تشكل عصب الاقتصاد السوري وتوظف عدد كبير من السوريين، وكانت على مدى عصور من الزمن تصدر منتجاتها إلى عشرات من دول العالم وشكلت فخر الصناعة والحرف السورية، وباتت جزءا من هوية السوريين الذين اشتهروا عبر التاريخ بما تصنعه أيديهم وبمهاراتهم وابتكاراتهم التي لا حدود لها، حتى في ظل العقوبات والحصار.
البطولة اليوم لم تعد شعاراً. لقد جسدها كل جندي من جنود الجيش العربي السوري، وها هم الصناعيون الحلبيون اليوم في دمشق لتجسيد بطولة وقصة حلب، تلك المدينة التي نهبها مرتزقة العثماني أردوغان، وعمل جاهداً لاحتلالها، فسقطت مشاريعه وأوهامه أمام صمود أهل حلب وتضحيات جيشنا البطل وبطولاته في طرد كل من تجرأ على موطن الصناعة السورية.
اليوم نحن أمام قصص بطولية في معرض “منتجين ٢٠٢٠”، والبطولة في سورية تكمن في التشبث بالأرض والهوية والاقتصاد والمنتج، وهذه أهم رسالة وصلتنا من كل مشارك في هذا المعرض، وهي الرسالة ذاتها التي تتردد على مسمعنا في قصة كل سوري رفض إغراءات الهجرة وبقي في الأرض ليزرعها، وقرب المصنع لإعادته إلى الإنتاج، وفي وظيفته ليستمر في تقديم الخدمات وضمان استمرار عمل الدولة.. في سورية ملايين الأبطال، وواجب علينا دعمهم ورواية قصصهم التي لا بد أن يكتبها التاريخ الذي يخطه المنتصرون، وسورية منتصرة بقائدها وشعبها وثقافتها وهويتها.