حسم القرار.. كل المنشآت العامة مطروحة للاستثمار

يبدو أنه من الصعب أن تكون هناك وصفة جاهزة تتعامل معها الجهات المعنية حول المنشآت الاقتصادية المملوكة للقطاع العام، وقد يكون السبب وراء ذلك أن لكل شركة أو منشأة ظروفها وبيئتها الاقتصادية والاجتماعية القادرة على تحديد ماهية عملها التي يجب أن تعتمد على إعادة التقييم بالقيمة العادلة التي تقاس بها الجدوى الاقتصادية.
الخبير الاقتصادي عمار يوسف قال في حديثه لـ”الوطن”: إن القطاع العام في سوريا كان يشكل الركيزة الاقتصادية الأهم إبان النظام الاشتراكي منذ عام 1963 حتى عام 2000، حين حدث التحول نحو فكرة اقتصاد السوق الاجتماعي، الذي كان بداية تخلي الدولة عن دورها الأبوي المسيطر على الاقتصاد لمصلحة القطاع الخاص وتوسيع نطاق استثماراته لتشمل قطاعات لم يكن مسموحاً له بالخوض فيها. مبيناً أن كل ذلك تم عبر مجموعة من الإجراءات التي أدت إلى تدمير القطاع العام. وفي الحقيقة لقد كان ذلك أسهل من خصخصته، وكانت النتيجة تمكين الفساد من القطاع العام، وإدارته بالتسلط والتفرد بالقرارات، وانتشار السرقات، الأمر الذي أوصله إلى مرحلة من الفشل الكامل.
اليوم، وبعد التحرير، أصبح لزاماً على الحكومة الجديدة التفكير في التحول من دولة راعية للقطاع العام إلى دولة تحاول الاستفادة منه لمصلحة الناس والاقتصاد الوطني من خلال “خصخصته” وفق برنامج واضح ومدروس بدقة، بحيث يمكن الانتقال بين التشاركية والبيع وفقاً لواقع كل منشأة، وبما يتيح الفرصة للكثير من المعامل التي يمكن أن تُدار بعقلية القطاع الخاص لما يمتاز به من مرونة وسعي للربح.
أما بخصوص المعامل المدمَّرة والتي لا أمل منها، فيرى الخبير الاقتصادي أنه يمكن اللجوء إلى استثمار مواقعها والمساحات التي تشغلها لتقديمها كفرص استثمارية يمكن أن تجذب المستثمرين إليها. وأعتقد أن موقع الكثير من المعامل يشكل العامل الأهم الذي يمكن أن يجذب المستثمرين إليها، وهنا يجب أن تتنبه الحكومة إلى تقوية موقفها التفاوضي عند بيع الأراضي التي تشغلها بعض منشآت القطاع العام.
وأفاد: لدينا ميزتان للخصخصة يمكن التركيز عليهما في هذه العجالة الأولى: الاحتكار الخاص بالقطاع العام.
الثانية: المساحات والمواقع المميزة للمنشآت التي تقوم عليها مصانع القطاع العام.
في المقابل، هناك أسباب تجعل القطاع الخاص غير متشجع على شراء منشآت القطاع العام، ويمكن تلخيصها بعدة نقاط، أهمها:
الفشل أو الترهل الإداري الذي يعاني منه القطاع العام.
حجم البطالة المقنعة في القطاع العام، التي تصل إلى مستويات عالية، حوالي 60% من مجموع العمال.
قدم وسائل الإنتاج وعدم تحديثها لأكثر من عشرين عاماً، الأمر الذي أخرجها عن الخدمة الفعلية والمنتجة.
التسلط الإداري من الجهات الوصائية على المرافق الإنتاجية، ما أدى إلى توقف الإنتاج وعرقلة تطوير المنتج.
وبالتالي، ومن وجهة نظره، لعل الحل الأمثل للقطاع العام في سوريا اليوم هو “الخصخصة”، لكن ضمن شروط محددة ومدروسة جيداً وتراعي مصلحة الدولة والشعب السوري، وتبتعد عن العشوائية والحلول المتسرعة.
وأوضح أن هناك عدة شروط يجب عدم التغاضي عنها:
أولها: الاهتمام ومراعاة وضع العمال في مختلف منشآت القطاع العام، وخاصة الإنتاجية، ومعالجة أوضاعهم بشكل لا يحولهم إلى عاطلين من العمل، لما في ذلك من أخطار وانعكاسات اجتماعية خطرة وغير محمودة.
ثانياً: مراعاة استراتيجية التكامل الاقتصادي في القطاع العام الذي سيخضع للخصخصة، والغاية الأساسية التي أُنشئ من أجلها ذلك القطاع؛ والمقصود هنا الغاية الاجتماعية – الاقتصادية التي تهدف إلى التنمية على مستوى الدولة بشكل عام.
ثالثاً، وهو الأهم من وجهة نظره، امتلاك القدرة التفاوضية القوية التي تمكّن الدولة من الحصول على بدل نقدي مناسب وعادل عند الشروع بأي عملية بيع ضمن إطار “الخصخصة”، بحيث يُدر دخلاً للدولة يُمكنها من توظيفه في عملية التنمية المطلوبة وإعادة الإعمار. وهنا أحذّر – وبشدة – من أن تتم الخصخصة بأثمان بخسة.
رؤية وزارة الصناعة:
وحول معرفة رؤية وزارة الصناعة والاقتصاد حبال وضع الشركات والمنشآت المملوكة للقطاع العام أكدت مصادر خاصة في الوزارة لـ«الوطن» أن الوزارة تدرس حالياً إمكانية طرح المنشآت العامة للاستثمار .. ومن الممكن – حسب المدى- أن تتم إدارة بعض المنشآت بإدارة خاصة ولكن ليس كما كانت الحال قبل التحرير، أي يتم تشكيل مجلس إدارة لهذه المنشآت أو الشركات حتى تدار بطريقة القطاع الخاص، أما الإدارة الاشتراكية القديمة فلا يمكن العودة إليها، لأن الرؤية المستقبلية هي طرح كل منشآت القطاع العام للاستثمار.
هناء غانم