سورية

حضور سوريا في بيليم.. نحو دبلوماسية خضراء تُعيد وصل الفرات بالأمازون

تتجه أنظار العالم حالياً إلى مدينة بيليم البرازيلية، حيث يفتتح يوم غد الخميس، المؤتمر الثلاثون للأمم المتحدة بشأن المناخ (COP30)، في لحظة تتقاطع فيها قضايا البيئة والسياسة والاقتصاد على نحو غير مسبوق، لكن الأنظار السورية تحديداً ستتجه إلى مشاركة الرئيس أحمد الشرع ووزير الخارجية أسعد الشيباني في هذا الحدث العالمي، في خطوة تتجاوز البعد البيئي المباشر، يُعلن فيها دخول سوريا فصلاً جديداً من الانخراط الدولي بعد سنوات الحرب والانكفاء.

في الزيارة الأولى للرئيس الشرع إلى أمريكا اللاتينية منذ التحرير التي يخاطب فيها أول مرة رئيس سوري مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ، تتشكل معادلة جديدة في الدبلوماسية السورية تمتد من الفرات الى الأمازون وتقوم على شراكة خضراء تربط نظامين بيئيين يرمزان إلى الحياة والتجدّد، وانفتاح سياسي يمدّ جسور التعاون مع دول الجنوب العالمي، بعيداً عن محاور الاستقطاب التقليدية.

لقاء الرئيس الشرع بنظيره البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، سيكون أكثر من مجاملة بروتوكولية، إذ يؤسس إلى حوار استراتيجي بين بلدين يمتلكان إرثاً غنياً في صياغة نماذج تنموية مستقلة، فالبرازيل برئاستها الحالية، تمثل صوت الجنوب في النظام الدولي البيئي والاقتصادي، وسوريا اليوم تبحث عن شركاء في هذا المسار، لتعيد تموضعها كدولة فاعلة وذات مسؤولية عالمية.

وفي خطابه المنتظر أمام قادة العالم، سيحمل الرئيس الشرع رسالة أخلاقية مزدوجة توضح أن الحرب التي فرضها النظام البائد لم تدمر البشر فحسب، بل دمرت الطبيعة أيضاً، فضلاً عن الخسائر البيئية الناتجة عن احتراق الغابات وتلوث الأنهار والأراضي الزراعية، لتبقى شواهد على عمق الجرح الوطني، ومن هنا، فإن تعافي سوريا بعد الحرب لا يكتمل من دون تعافٍ بيئي موازٍ، يجعل من العدالة البيئية ركناً من العدالة الوطنية.

في هذا السياق، يبرز النموذج التنموي السوري الجديد: “التنمية = الإنسان + البنيان”، فإعادة الإعمار لم تعد تُقاس بكمية الأسمنت والطاقة المنتجة، بل بما يُستعاد من كرامة الإنسان وما يُحيى من نظم بيئية، إنها نهضة إنسانية وبيئية في آنٍ معاً، تزرع الأمل حيث كانت أنقاض الحرب.

وتُدرك دمشق أن الإرادة التي أعادت المؤسسات بعد الحرب هي ذاتها التي تدفع اليوم نحو النهضة البيئية، ومن خلال موقعها في قمة “COP30″، تسعى سوريا إلى تأكيد انتمائها إلى معسكر العدالة المناخية، مطالبةً بنظام بيئي دولي أكثر توازناً، غير مسيّس، يخدم الشعوب لا مصالح القوى الكبرى.

من بيليم إلى واشنطن، تُرسم ملامح دبلوماسية سورية جديدة قاعدتها المسؤولية والمشاركة والانفتاح، تتحول فيها سوريا إلى دولة تشارك العالم قضاياه الكبرى، وتربط بين تعافيها الداخلي وإسهامها في إنقاذ كوكبٍ واحدٍ يتقاسمه الجميع.

الوطن

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock