العناوين الرئيسيةسوريةسياسة

دمشق تعيد تموضعها الجيوسياسي عبر الاقتصاد

في خطوة لافتة، شهدت العاصمة السورية دمشق، اليوم الأربعاء، توقيع ثماني مذكرات تفاهم استثمارية مع عدد من الشركات الدولية، بلغت قيمتها الإجمالية نحو 14 مليار دولار أميركي، وتشمل مشاريع في مجالات النقل، البنية التحتية، السكن والخدمات.
هذا التطور، الذي يأتي في ظل ظروف اقتصادية وسياسية معقدة تعيشها البلاد، يحمل دلالات تتجاوز البعد الاقتصادي، ليعكس رسائل سياسية وجيوستراتيجية في مرحلة مفصلية من تاريخ سوريا والمنطقة.
يمثّل توقيع هذه المذكرات في العاصمة دمشق مؤشراً على كسر طوق العزلة الدولية التي فُرضت عليها منذ أكثر من عقد من الزمن، فبعد سنوات من العقوبات والقطيعة الدبلوماسية، تؤكد دمشق أنها لا تزال شريكاً دوليّاً متاحاً وقادراً على اجتذاب الاستثمارات، وخاصة من دول بدأت تتجه نحو سياسات براغماتية تراعي المصالح الاقتصادية بدلاً من الحسابات السياسية الصرفة.
توجيه الحدث من دمشق يحمل رمزية سياسية قوية، فاختيار العاصمة كمكان للتوقيع، وفي هذا التوقيت بالذات، يعكس رسالة ثقة سياسية من القيادة والحكومة بقدرتها على جذب شركاء دوليين، كما يُظهر أن الموقع الجيوسياسي لسوريا لايزال مهمّاً في الحسابات الإقليمية.
من الواضح أن حجم المذكرات يعكس كذلك تغيّراً في المزاج الإقليمي تجاه سوريا، إذ بدأت بعض الدول تنظر إلى الملف السوري من زاوية المصالح الاقتصادية والاستقرار الإقليمي، بدلاً من الاعتبارات السياسية والإيديولوجية التي سادت في السنوات الماضية.
ما شهده قصر الشعب من توقيع مذكرات تفاهم استثمارية لا يمكن اعتباره مجرد حدث اقتصادي، بل هو رسالة سياسية بأبعاد متعددة، أن سوريا ما زالت حاضرة، وقادرة على جذب الاستثمارات، وأن بعض الأطراف الإقليمية والدولية بدأت تعيد تموضعها حيالها.
ومع ذلك، يبقى الرهان الحقيقي على تحويل هذه المذكرات إلى مشاريع فعلية على الأرض، تسهم في إعادة الإعمار، وتفتح الباب أمام تعافٍ اقتصادي طال انتظاره.

الوطن

زر الذهاب إلى الأعلى
الوطن أون لاين
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock