مقالات وآراء

دواعش المسيحية يجتاحون بوليفيا

وضع البنتاغون خطة ترمي إلى نقل الفوضى التي نشرها بأناة وصبر في منطقة الشرق الأوسط الموسع، إلى الحوض الكاريبي بدءاً من عام 2016.
وتأسيساً على ذلك تم تنظيم أعمال شغب في فنزويلا ونيكاراغوا، لكن الخطة لم تنجح تماماً، وعاد الناس هناك إلى انقسامات الحرب الباردة بين اليمين واليسار والرأسماليين والليبراليين ضد الشيوعيين الاجتماعيين. ما أتاح في الشرق الأوسط الموسع، ليس استبدال الحكومات المعادية بحكومات صديقة فحسب، بل التدمير التدريجي والمنهجي لهياكل الدول، على أيدي قوى مدمرة موجودة داخل كتل الأغلبية، كالإخوان المسلمين وعدد لا يحصى من المنظمات الإرهابية المرتبطة بهم.
لقد أخفق العالم «السني» في وقف جماح تنظيمي القاعدة وداعش، وأصبح هو بالذات الضحية الأولى لإرهابهم.
لقد فاجأ خبر الإطاحة بالرئيس البوليفي إيفو موراليس جميع المراقبين، والبوليفيين على وجه الخصوص، بعد أن تمكنت ميليشيا صغيرة جداً من جعل قادة الدول الخمس الأوائل يفرون مذعورين واحدا تلو الآخر، إلى أن أعلنت النائب الثاني لرئيس مجلس الشيوخ، جانين أنيز نفسها رئيسة بالوكالة.
وقد شهدت الشوارع على مدى بضعة أيام متتالية فوضى ونهباً للقصور الرسمية، واعتداءات على الناس من أفراد يدعون أنهم أتباع المسيح.
وبمجرد اعتلائها سدة الرئاسة، أعلنت السيدة أنيز، عن عودة «الكتاب المقدس» في بوليفيا «بدلاً من طقوس الهنود الحمر»، وتم تصويرها وهي ترفع الإنجيل محوطة بمستشاريها. كما لم يفت زعيم الميليشيا لويس فرناندو كاماتشو الذي أوصلها إلى السلطة، الإعلان مزهواً أن «بوليفيا تنتمي للسيد المسيح»، وهذا أمر بديهي لا يختلف عليه أحد، إذ إن 98 بالمئة من السكان مسيحيون.
تتكون هذه الميليشيا من مسيحيين كاثوليك يدّعون أنهم أفضل من سواهم من باقي المسيحيين، ويجيزون لأنفسهم ممارسة العنف ضد جميع من يصنفونهم على أنهم «أعداء المسيح».
هذا هو بالتحديد نمط الإخوان المسلمين ومنظماتهم الجهادية، الذين يدعون أيضاً أنهم مسلمون، أفضل من غيرهم، ويجيزون لأنفسهم ممارسة العنف ضد جميع من يصنفونهم على أنهم «أعداء الله».
هذه الميليشيا، أو اللجنة المدنية لمدينة سانتا كروز، هي إحدى مفرزات بعض المجرمين الكروات «الأوسطاشي» الذين فروا من أوروبا بعد ارتكاب أعمال وحشية خلال الحرب العالمية الثانية. احتضنتهم حينذاك وكالة المخابرات المركزية، واستخدمتهم خلال الحرب الباردة لقمع التظاهرات الموالية للاتحاد السوفييتي بمنتهى الوحشية، وحين كان جورج بوش الأب رئيساً لوكالة الاستخبارات المركزية، ثم نائباً لرئيس الولايات المتحدة الأميركية، كان يحتضن هؤلاء القتلة تحت جناحه مباشرة.
استخدمتهم «سي. آي. ايه» في الفترة من 1991-1995 مرة أخرى خلال الحرب اليوغسلافية إلى جانب المسلمين البوسنيين، ضد المسيحيين الأرثوذكس الصرب، وها هم يتقدمون واجهة الأحداث مرة أخرى في بوليفيا.
لم تكن عملية الإطاحة بالرئيس موراليس على يد جماعة مسلحة ممكنة بهذه السهولة، لولا إعلان هؤلاء للناس أنهم يتصرفون باسم المسيح، ما جعل إخوتهم في الوطن من المسيحيين أمثالهم، يحجمون على التدخل فوراً ضدهم.
وفيما لن يفعل أحد شيئاً في القريب العاجل، فإن هذه الميليشيا ستستفيد من الإمكانات التي سوف تضعها الرئيسة الجديدة للبلاد بتصرفها لكي تنمو وتتطور. وكان أول قرار تصدره هو تعيين واحد من «الأوسطاشيين»، إيفان باتريشيو إنشوستي ريوخا قائداً عاماً للجيش، بعد أن منحته رخصة قتل المحتجين المؤيدين للرئيس المخلوع موراليس. وسوف نرى في غضون سنوات قليلة قادمة، أن هذه الميليشيا الصغيرة المسلحة يمكن أن تصبح قوة سياسية قادرة على زعزعة استقرار القارة بأكملها.
لكن بخلاف المسلمين «السنة»، يخضع المسيحيون الكاثوليك لنظام مركزي يمكنهم بسهولة إدانة هذا التلاعب بدينهم.
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن: هل سيتوافر لدى هؤلاء الناس رد الفعل اللازم للقيام بذلك بسرعة كافية، قبل أن يلتهم سم التطرف الديني القارة برمتها؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock