منوعات
د.شفيق البيطار في كتاب تكريمي

واحد من العلماء النادرين في زماننا، عاش حياة قصيرة، ومع ذلك أثبت في منابر العلم والتعليم نفسه وحذقه وإبداعه، الأستاذ الدكتور محمد شفيق البيطار، واحد من علماء سورية في العربية والقرآن والشعر، من أدقّ المحققين في التراث، حيث أخرج كنوزاً فريدة مثل ديوان حميد من ثور، وديوان قبيلة بكر بن وبرة، وديوان أبي بكر الصديق رضي الله عنه، واختيارات ابن مسافر بالاشتراك مع صديقه الدكتور مقبل التام الأحمدي، وهذا الكتاب مختلف في دراسته، إذ يبين سلامة عقيدة ابن مسافر المؤلف مما نسب إليه وهو لا علاقة به.
وللدكتور البيطار إبداعات شعرية متفوقة، وإضافة إلى ذلك، ما من طفل في وطننا العربي لم يردد أشعاره التي كتبها ضمن أطر التفكير العربية والإسلامية لشارات مسلسلات الأطفال، وقد كان رحمه الله يتعامل مع برامج الأطفال والمسلسلات المدبلجة على أنها أمانة في أعناقنا، وبرحيله فقدت مسلسلات الأطفال رقيباً زاده الأخلاق.. وكان ميدان الدكتور البيطار الأرحب التدريس الجامعي منذ عيّن معيداً في جامعة دمشق، تخللتها إعارة لعام واحد إلى العربية السعودية، وفي هذه السنوات أعطى طلابه خلاصة علمه، إضافة لإشرافه على ما يزيد على عشرين أطروحة دكتوراه وماجستير، ومناقشة أضعاف هذا العدد، وقد كان البيطار نعم الأستاذ والموجه والمعلم والمناقش والمشرف، إضافة إلى ذلك كان عضواً في مجمع اللغة العربية بدمشق.. وعند رحيله أجمع طلابه وزملاؤه وأساتذته على فضله.
تعاون أصدقاؤه مع طلابه وأساتذته وأسرته على إنجاز كتاب تكريمي (العالم الموسوعي د. محمد شفيق البيطار 1965- 2024 في ذكرى رحيله) وقد صدر عن مجمع العربية السعيدة في اليمن، وبإشراف من رئيس المجمع صديقه د. مقبل التام الأحمدي، جاء الكتاب في 286 صفحة من القطع الكبير وحوى سيرته الذاتية وشهادات قيلت فيه، وطرفاً من أشعاره وإبداعاته ورسوماته وخطوطه، وهو المتعدد المواهب.. وقد قسم الكتاب إلى حديث عنه وعن ذكرياته، وشهادات قيلت فيه من أساتذته وأصدقائه وطلابه وأسرته ومحبيه، إضافة إلى ملاحق لخطه ورسومه وبعض الصور لذكريات كانت له.
كتاب تكريمي لرجل عالم حقيقي، تبحر في العلوم التي تعلمها، وصار حجة في الأدب واللغة والنحو، وحجة في المخطوطات والنقوش العربية القديمة، ومرجعاً في الشعر وأوزانه وبحوره، ومجلياً في التحقيق والتدريس… الرحمة لروحه الطيبة التي فقدتها الجامعة، ولعلمه الغزير الذي وزعه على طلابه وأصحابه، ورحل عنا ونحن بحاجة المزيد منه.
ومما قاله فيه رئيس مجمع العربية السعيدة:
«ظل د. محمد شفيق البيطار مرابطاً في الشام لا يخاف، طوال سنيّ القحط العجاف، صابراً على المحن مترفعاً عن الإحن، فسدّ ببقائه ثغرات علمية في فنون عدة ما تُسدّ بغيره، وكان ملاذ كثير من الطلبة، وكان لهم أباً وأخاً، ومرشداً وناصحاً.. وترجل الرجل قبل أن يشهدَ النصر».
إسماعيل مروة