رؤية “إسرائيل الكبرى”.. حلم نتنياهو بتغيير خرائط الجغرافيا بالفوضى

من جديد، يطل رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتصريح استفزازي يتجاوز حدود السياسة الواقعية، ليغرق في أوهام هوليودية مدمرة، عندما أعلن عن “ارتباطه التاريخي” برؤية ما سماه “إسرائيل الكبرى”، تصريح لم يكن عابراً أو زلة لسان، بل امتداد لسلسلة من السياسات التوسعية والعدوانية، التي جعلت هذا الكيان مشروعاً مفتوحاً على خرائط الدماء والخراب.
نتنياهو لم يأتِ بجديد، ولم تكن كلماته إلا استدعاءً واضحاً لمشروع استيطاني لم ينتهِ، يستند إلى روايات دينية مزيفة يستخدمها الاحتلال لتبرير التهام الأرض وطمس الهوية وشرعنة الإبادة، فمنذ تأسيس كيان الاحتلال عام 1948، كانت الذهنية الصهيونية قائمة على مبدأ التوسع، لكن ما يثير القلق هو التوقيت والوضوح لهذه الرؤية وسط صمت وعجز دولي.
واللافت أن هذه التصريحات تأتي رداً على إعلان عدة دول غربية اعتزامها الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وفي وقت يتواصل فيه العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وفي ظل تهديدات مباشرة بإعادة احتلال مدينة غزة وضم الضفة الغربية والتعدّي على حدود دول ذات سيادة، كأن نتنياهو يريد أن يجعل من الأراضي الفلسطينية بوابة لتكريس رؤيته التوسعية وإعادة تشكيل الجغرافيا بالحديد والنار، متناسياً أن من يراهن على أساطير القوة يسقط تحت أنقاضها.
هذه التصريحات لاقت إدانات قوية ولاسيما من السعودية ومصر والأردن والسلطة الفلسطينية، معتبرة إياها تهديداً مباشراً للأمن الإقليمي ومشروعاً لتصفية القضية الفلسطينية وفرض واقع استيطاني بالقوة، ودعوة مفتوحة للعنف والتهجير، وبالتالي دخول المنطقة برمتها في دوامة الفوضى، ما يفتح شهية مشاريع التقسيم والحروب الطائفية.
بالمقابل يرى خبراء أن تصريحات نتنياهو ليست إلا محاولة يائسة للهروب من أزماته الداخلية، وتعويم نفسه أمام جمهوره اليميني المتطرف، ولاسيما مع تصاعد الاحتجاجات الداخلية في إسرائيل وانقسام الشارع هناك بين مؤيد لوقف الحرب على قطاع غزة وإطلاق سراح المحتجزين، وبين من يريد استمرارها ولو على حساب حياة الرهائن أنفسهم ودماء الأبرياء واستقرار المنطقة.
الوطن