اقتصادالعناوين الرئيسية

راتبي محتجز .. أزمة أخلاقية قبل أن تكون اقتصادية

أصبح لزاماً اليوم إيجاد حل جذري وسريع لمعضلة الرواتب الموطّنة في البنوك الخاصة. فالموظف الذي ينتظر راتبه كحق بديهي لقاء عمله، يجد نفسه عاجزاً حتى عن دفع أجرة المواصلات، لأن سقوف السحب الأسبوعية هزيلة، هذا إن وُجدت السيولة أصلاً، فالرواتب تُحوّل إلى حسابات الموظفين وتُحتجز هناك، وبقي أصحابها محرومين من أبسط حقوقهم في التصرف بها. إنه وضع غير عادل يضرب الثقة بالمؤسسات المصرفية، ويمسّ كرامة المواطن في الصميم.

قوشجي: أزمة أخلاقية واجتماعية لا تقنية

يرى الخبير الاقتصادي والمصرفي الدكتور إبراهيم نافع قوشجي أن ما تعانيه المصارف السورية منذ أكثر من عام ليس مجرد خلل نقدي عابر، بل هو انعكاس لفشل عميق في إدارة السياسة النقدية، وغياب أي تدخل فعّال من الجهات المعنية. وأن هذه الأزمة لم تعد رقماً في تقارير المصرف المركزي، بل تحوّلت إلى مأساة يومية تمسّ كرامة آلاف الموظفين والمتقاعدين الذين أُودعت رواتبهم في المصارف الخاصة، ليُمنعوا من التصرف بها كأنها ليست ملكهم.

ولفت أستاذ الاقتصاد. إلى أن الموظف الذي أفنى عمره في خدمة الدولة، بات عاجزاً عن دفع أجرة المواصلات، ناهيك عن تأمين حاجاته الأساسية، بسبب سقوف سحب أسبوعية هزيلة، لا تتجاوز في كثير من الأحيان تكلفة وجبة واحدة. أما السيولة فهي غائبة أو محجوزة، بينما الرواتب تتكدّس في حسابات البنوك، وتُدار بعيداً عن أصحابها.

ويرى قوشجي أن هذه المعضلة ليست أزمة تقنية، بل أزمة أخلاقية واقتصادية واجتماعية.

حسابات الرواتب.. أداة للفساد

يشدد قوشجي على أن هذه ليست أزمة تقنية بحتة، بل أزمة أخلاقية واقتصادية واجتماعية، فقد تحوّلت الحسابات الموطّنة إلى أدوات للفساد وغسيل الأموال، تستفيد منها قلة قليلة على حساب الأغلبية، وتُفرض عمولات غير مبررة، وتُمارس انتقائية في صرف الأموال، وكل ذلك في ظل غياب الشفافية والرقابة الجادة.

 

 

تداعيات خطرة على المجتمع

يحذّر قوشجي من أن استمرار هذا الوضع يهدد الاستقرار الاجتماعي، ويعمّق فجوة الثقة بين المواطن والقطاع المصرفي، “حين يُهان الموظف في راتبه، يُهان في كرامته، ويُهان الوطن في جوهره”، يقول الخبير، مؤكداً أن كرامة الموظف تبدأ من احترام حقه في راتبه كاملاً وفي الوقت المناسب.

حلول مطلوبة فوراً

ويطرح قوشجي مجموعة من الحلول العاجلة للخروج من هذه الأزمة، منها إعادة هيكلة آلية الرواتب الموطّنة. وفرض رقابة صارمة وشفافة على المصارف الخاصة. وضمان وصول الموظف إلى راتبه من دون قيد أو شرط. ومحاسبة كل من يستغل الأزمة لتحقيق مكاسب غير مشروعة.

 

ختاماً.. إن أزمة الرواتب الموطّنة ليست مجرد مشكلة سيولة، بل أزمة تمسّ العدالة والكرامة والاستقرار الاجتماعي، والمطلوب من المصرف المركزي ليس إصدار بيانات شكلية، بل إجراءات عملية حقيقية تعيد الثقة بالنظام المصرفي، وتصون ما تبقى من استقرار الموظفين المعيشي.

 

محمد راكان مصطفى

زر الذهاب إلى الأعلى
الوطن أون لاين
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock