رفع العقوبات عن الرئيس الشرع: بوادر تحول دولي وإقليمي جديد

في خطوة وُصفت بأنها تاريخية ومفصلية، صوّت مجلس الأمن الدولي بأغلبية 14 دولة لمصلحة رفع العقوبات المفروضة على الرئيس أحمد الشرع ووزير الداخلية أنس خطاب، في قرارٍ صاغته الولايات المتحدة.
ويُنظر إلى هذا القرار على أنه إشارة قوية إلى تغيّر المزاج الدولي تجاه دمشق، وبداية مرحلة جديدة من إعادة التموضع السياسي في الشرق الأوسط.
جهود دبلوماسية مكثفة وراء القرار
قرار رفع العقوبات جاء ثمرة تحركات دبلوماسية عربية ودولية معقّدة، شاركت فيها السعودية وتركيا وقطر والإمارات والأردن، إلى جانب دول أوروبية مثل فرنسا وبريطانيا وإيطاليا وإسبانيا.
وساهمت هذه الجهود في كسر الجمود الذي طبع الموقف الدولي من سوريا طوال السنوات الماضية، وتهيئة الأجواء لتسوية تدريجية تعيد دمجها في محيطها العربي والدولي.
ووفق مصادر دبلوماسية، فإن الولايات المتحدة لعبت الدور الأبرز في بلورة الصيغة النهائية للقرار، ما يعكس رغبة إدارة الرئيس دونالد ترامب في اختبار مسار جديد للتعامل مع دمشق، بعيداً عن سياسة العزل والعقوبات التي أثبتت محدوديتها.
تحوّل في الموقف الدولي
يرى مراقبون أن رفع العقوبات جاء نتيجة تقاطعات مصالح سياسية واقتصادية وأمنية، ولا سيما السعي إلى إعادة دمج سوريا في النظام الإقليمي فاعلاً ضرورياً في ملفات الأمن والطاقة والمناخ.
يضاف إلى ذلك الضغوط العربية المتزايدة لإعادة التوازن الإقليمي عبر الانفتاح على دمشق، علاوة على تغير في النهج الأميركي والغربي نحو سياسة براغماتية تركز على الاستقرار بدل المواجهة.
وربما من المفيد هناك التطرق إلى رغبة أوروبية في الاستفادة من إعادة إعمار سوريا واحتواء مسألة اللاجئين.
انعكاسات القرار الأممي
من المتوقع أن يترك القرار تداعيات سريعة وواضحة على الساحتين السورية والإقليمية، فاقتصادياً يمكن ان يفتح الباب أمام الاستثمارات الأجنبية واستئناف التعاملات المصرفية، ما يخفف الضغط عن الاقتصاد السوري ويعيد الثقة للأسواق.
أما سياسياً، فإن القرار يعزز شرعية القيادة السورية على المستوى الدولي، ويوسع هامشها التفاوضي في الملفات الإقليمية.
على الصعيد الدبلوماسي فمن شأن القرار الإسهام في تسريع عودة سوريا إلى المنظمات الدولية والعربية، وإعادة تفعيل سفارات وعلاقات مجمّدة منذ سنوات.
في المحصلة، يبدو أن قرار مجلس الأمن رفع العقوبات عن الرئيس الشرع يمثّل نقطة تحوّل في المشهدين السوري والدولي، ويؤشر إلى بداية عهد جديد من الانفتاح والحوار بعد عقود من العزلة.
ورغم أن الطريق نحو الاستقرار الكامل لا يزال طويلاً، إلا أن هذا القرار يُعد خطوة أولى نحو إعادة سوريا إلى موقعها الطبيعي لاعباً مؤثراً في الإقليم والعالم.
الوطن