زيارة الرئيس الشرع إلى السعودية فرصة تاريخية لإعادة دمج الاقتصاد السوري في محيطه العربي

تُعدّ زيارة الرئيس السوري أحمد الشرع إلى مبادرة مستقبل الاستثمار في السعودية خطوة استراتيجية تعبّر عن رغبة سوريا في إعادة بناء علاقاتها الاقتصادية مع الدول العربية، ولا سيما المملكة العربية السعودية، بعد سنوات من الجمود. وتأتي الزيارة في مرحلة دقيقة يسعى فيها الاقتصاد السوري إلى التعافي من آثار الحرب والعقوبات، في ظل حاجته الماسة لفرص استثمارية جديدة تعزز النمو وتخلق فرص عمل.
ويرى الدكتور عبد الرحمن محمد، أستاذ التمويل والمصارف في كلية الاقتصاد بجامعة حماة، أن المبادرة تمثل منصة عالمية مهمة لجذب الاستثمارات وتعزيز التعاون الاقتصادي، ويمكن أن تفتح آفاقاً واسعة أمام الاقتصاد السوري إذا أُحسن استثمار نتائجها.
فرص العمل وتحسين المعيشة
يؤكد الدكتور محمد أن مشاركة سوريا في هذه المبادرة قد تفتح الباب أمام تدفق الاستثمارات الأجنبية، ما سيسهم في خلق فرص عمل جديدة بمختلف القطاعات، ويرى أن المشاريع الاستثمارية التي قد تنجم عن هذه الشراكات يمكن أن ترفع من مستوى الدخل والمعيشة، وخصوصاً مع تطوير البنية التحتية ودعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة التي تمكّن الأفراد من تحقيق استقرار وظيفي واقتصادي أكبر.
تحسين الخدمات الأساسية وخفض الأسعار
ويشير إلى أن الاتفاقات الاقتصادية الجديدة قد تثمر عن تحسين الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والنقل والسكن، إذا ما جرى استثمار الأموال في البنية التحتية بشكل فعّال. ويضيف أن هذه الخطوات يمكن أن تساهم في خفض الأسعار ورفع كفاءة الخدمات المقدمة للمواطنين، ما ينعكس إيجاباً على مستوى المعيشة العامة.
ضمان عدالة توزيع العوائد
ويشدّد الدكتور محمد على ضرورة أن تعود عوائد الاستثمارات إلى الداخل السوري بشكل عادل، بحيث يستفيد منها جميع المواطنين، لا فئة محدودة من رجال الأعمال، ويرى أن تحقيق ذلك يتطلب سياسات واضحة وشفافة لتوزيع العوائد، مع إنشاء آليات رقابية توجه جزءاً من الإيرادات إلى المشاريع الاجتماعية والتنموية التي تخدم المجتمعات المحلية وتعزز العدالة الاقتصادية.
دور القطاع المصرفي في جذب رؤوس الأموال
وفي ما يتعلق بالقطاع المالي، يوضح محمد أن على المصارف السورية أن تلعب دوراً محورياً في جذب رؤوس الأموال السعودية والعربية، عبر تقديم حوافز وضمانات استثمارية وتسهيلات ائتمانية. كما يمكن لهذه المصارف أن تساهم في تعزيز السيولة داخل النظام المالي السوري من خلال بناء شراكات مصرفية واستثمارية فاعلة مع نظرائها في المنطقة.
استقرار سعر الصرف وتعزيز الثقة بالليرة
ويرى الدكتور محمد أن الشراكات الاقتصادية الجديدة من شأنها أن تدعم استقرار سعر الصرف وتعزز الثقة بالليرة السورية، إذ إن تدفق الاستثمارات والأموال الأجنبية سيزيد من الاحتياطيات النقدية ويقلل من الضغوط على السوق المحلية، ما ينعكس إيجاباً على مختلف المؤشرات الاقتصادية.
ويختتم محمد بالقول، إن زيارة الرئيس السوري إلى السعودية تمثل فرصة تاريخية لإعادة دمج الاقتصاد السوري في محيطه العربي، مؤكداً أن نجاح هذه المبادرة يعتمد على الشفافية والإدارة الرشيدة في توظيف الموارد.
ويضيف أن استثمار هذه الفرصة بالشكل الصحيح يمكن أن يمهّد لمرحلة جديدة من الاستقرار والنمو الاقتصادي، تضع سوريا على طريق التعافي الحقيقي.
محمد راكان مصطفى