زيارة الرئيس الشرع إلى واشنطن محطة مفصلية لإعادة تموضع سوريا إقليمياً ودولياً

اعتبر الأكاديمي والمحلل السياسي، عصمت العبسي، أن زيارة الرئيس أحمد الشرع المرتقبة إلى واشنطن خلال الشهر الجاري، تحمل دلالات استراتيجية عميقة، وقد تكون نقطة تحول في ملفات الجنوب والمفاوضات مع “قوات سوريا الديمقراطية ” (قسد)، والوضع في السويداء، إضافة إلى ملف العقوبات الأميركية المفروضة على سوريا.
وفي تصريح لـ”الوطن”، تحدث العبسي أن من الدلالات السياسية للزيارة، أنها الأولى من نوعها لرئيس سوري إلى البيت الأبيض منذ عقود، ما يعكس اعترافاً أميركياً بشرعية الحكومة الانتقالية بعد سقوط نظام الأسد، كما أن توقيع اتفاق انضمام سوريا إلى “التحالف الدولي” ضد تنظيم داعش يضع دمشق في موقع شريك أمني للولايات المتحدة، ويعزز فرص التعاون العسكري والاستخباراتي، إضافة إلى أنها يمكن أن تتضمن تمهيداً لجولة خامسة من المفاوضات السورية- الإسرائيلية بوساطة أميركية، بهدف التوصل لاتفاق أمني شامل حول الحدود الجنوبية.
ومن الانعكاسات المحتملة للزيارة على الجنوب السوري، الحد من التوغلات الإسرائيلية، بحسب العبسي، الذي أوضح أنه إذا نجحت المفاوضات الأمنية بين دمشق وتل أبيب، فقد يتم التوصل إلى تفاهمات تقلل من الغارات الإسرائيلية على مواقع في محافظتي درعا والقنيطرة، وتحسين الوضع الإنساني والأمني في تلك المناطق، لأن الاتفاق الأمني المحتمل قد يتضمن آليات مراقبة دولية أو تفاهمات لوقف إطلاق النار، ما ينعكس إيجاباً على حياة المدنيين في الجنوب.
إضافة إلى ذلك، يمكن برأي العبسي، أن تعزز الزيارة موقف الحكومة السورية التفاوضي مع (قسد)، بحكم أن الانفتاح على واشنطن يضعف أوراق الضغط لدى (قسد) التي لطالما اعتمدت على الدعم الأميركي، ويدفعها للقبول بتنازلات في إطار اتفاق العاشر من آذار.
وتابع: “يمكن للزيارة تسريع تنفيذ بنود اتفاق العاشر من آذار، وخاصة ما يتعلق بإعادة انتشار القوات، وتوحيد الإدارة المحلية، ودمج بعض التشكيلات العسكرية (لقسد) ضمن الجيش السوري، في حال حصلت دمشق على ضمانات أميركية.
وأشار العبسي إلى أنه في حال انضمام سوريا لـ”التحالف الدولي” ضد تنظيم داعش، يمكن أن يؤدي إلى صياغة التوازنات في شرق الفرات، وقد تُعاد هيكلة الوجود العسكري الأميركي في المنطقة، ما يفرض واقعاً جديداً على الأرض.
ومن وجهة نظر العبسي، فإن الزيارة يمكن أن تشكل رسالة ضغط غير مباشرة إلى (قسد)، بأن دمشق باتت قادرة على التفاوض مع واشنطن مباشرة، ما قد يدفع (قسد) إلى مراجعة مواقفها السابقة.
وبعدما أشار العبسي إلى تعهد الرئيس الأميركي دونالد ترامب برفع العقوبات عن سوريا خلال لقائه الرئيس الشرع في الرياض في أيار الماضي، رأى أن الزيارة قد تسرّع في إصدار قرار تنفيذي برفع العقوبات تدريجياً، وخاصة إذا تم توقيع الاتفاق الأمني وانخرطت سوريا في جهود مكافحة الإرهاب.
ويمكن للزيارة أن تفتح الباب أمام الاستثمارات الدولية، وفقاً للعبسي، الذي قال: إن “رفع العقوبات سيشجع الشركات الأميركية والأوروبية على دخول السوق السورية، ما يعزز فرص التعافي الاقتصادي”.
ولفت إلى أن الزيارة تأتي في ظل تحركات دبلوماسية متسارعة لإعادة دمج سوريا في النظام الإقليمي بعد مشاركتها في الجمعية العامة للأمم المتحدة، ولقاء سابق بين الرئيس الشرع وترامب في الرياض.
وذكر أن رفع العقوبات الأميركية بات مطروحاً ضمن أجندة الزيارة، ما قد يفتح الباب أمام مشاريع إعادة الإعمار، ويمنح دمشق أدوات إضافية في التفاوض مع الأطراف الداخلية والخارجية.
وخلص الأكاديمي والمحلل السياسي، عصمت العبسي إلى القول: إن “زيارة الشرع إلى واشنطن ليست مجرد لقاء دبلوماسي، بل هي محطة مفصلية لإعادة تموضع سوريا إقليمياً ودولياً، وقد تكون بداية لمرحلة جديدة من الاستقرار الداخلي والانفتاح الخارجي”.
الوطن