سوريا تنمو بوتيرة أسرع من تقديرات البنك الدولي… وحاكم المركزي يتحدث عن العملة الجديدة وعودة اللاجئين والـ’فيزا’

أكد حاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر حصرية أن اقتصاد سوريا ينمو بوتيرة أسرع بكثير من تقدير البنك الدولي البالغ 1% لعام 2025، مع تدفق اللاجئين العائدين بعد انتهاء حرب أهلية استمرت 14 عاماً، ما يُغذي خطط إعادة إطلاق العملة وجهود بناء مركز مالي جديد في الشرق الأوسط.
وخلال حديثه عبر رابط فيديو في مؤتمر “رويترز NEXT” في نيويورك، قال حصرية: إنه يرحب باتفاق مع “فيزا” لإنشاء أنظمة دفع رقمية، مضيفاً: إن البلاد تعمل مع صندوق النقد الدولي لتطوير أساليب لقياس البيانات الاقتصادية بدقة لتعكس الانتعاش الحاصل.
ووصف حاكم المصرف المركزي السوري، الذي يساعد في توجيه إعادة اندماج البلاد المدمرة بالحرب في الاقتصاد العالمي بعد سقوط نظام بشار الأسد قبل حوالى عام، إلغاء العديد من العقوبات الأمريكية ضد سوريا بأنه “معجزة”.
وأضاف: “بمجرد حدوث هذا، سيمنح هذا طمأنينة للبنوك المراسلة المحتملة لدينا للتعامل مع سوريا”.
وقال حصرية: “لا أعتقد بأن هذا يعكس واقع الاقتصاد السوري، لدينا حوالى 1.5 مليون لاجئ يعودون. فقط احسبوا الحد الأدنى، وما يمكن أن تضيفه مثل هذه العودة للاجئين إلى الناتج المحلي الإجمالي”.
وأقر حصرية بأن سوريا تفتقر إلى بيانات اقتصادية موثوقة، لكنه قال: إن التضخم انخفض، وإن تعزيز سعر صرف الليرة السورية هو مؤشر على أداء الاقتصاد.
عملة جديدة بثماني فئات
وقال حصرية: إن سوريا تستعد لإطلاق عملة جديدة بثماني فئات من الأوراق النقدية، وأكد خطط إزالة صفرين منها في محاولة لاستعادة الثقة في الليرة المتضررة بشدة، والتي تم تداولها عند سعر 11057 ليرة للدولار على منصة “LSEG Workspace” يوم الخميس.
وقال حصرية: إن سوريا ستُنهي سبعة عقود من تمويل البنك المركزي لعجوزات الميزانية الحكومية، وستستعيد الثقة في المالية العامة وإدارة البنك المركزي.
وأضاف حصرية: “العملة الجديدة ستكون إشارة ورمزاً لهذا التحرر المالي.”
كما رحب بحوار جديد مع “فيزا” أُعلن عنه يوم الخميس لتطوير نظام بيئي للمدفوعات الرقمية سيفضي إلى عودة الشركة إلى سوريا.
وقال حصرية: “يسرنا أننا نعمل مع فيزا وماستركارد”، مضيفاً: إن مسؤولين في البلاد لديهم مزيد من الاجتماعات مع “فيزا” يوم الخميس بشأن الشراكة.
” ونحن نعمل على الحصول على نظام دفع مكتمل بالكامل يكون لدينا فيه شركاء عالميون لأن رؤيتنا هي أن تكون سوريا مركزاً – مركزاً مالياً – للشام.”
الدكتور عبدالرحمن محمد أستاذ التمويل والمصارف في كلية الاقتصاد في جامعة حماه قال للوطن: يأتي هذا الإعلان في وقت تسعى فيه سوريا إلى إعادة بناء اقتصادها وتعزيز الثقة الدولية في قطاعها المالي. ومن خلال التركيز على بناء بنية تحتية قوية وآمنة للمدفوعات الرقمية، تسعى “فيزا” إلى تمكين المؤسسات المالية السورية من تقديم خدمات دفع حديثة تتماشى مع المعايير العالمية.
وأضاف: تبرز العديد من التساؤلات حول تأثير هذه الخطوة على النظام المصرفي السوري، الاقتصاد النقدي، والمواطنين. حول دخول شركة “فيزا” إلى السوق السورية وما يمثله كخطوة مهمة نحو تحديث النظام المصرفي في البلاد.
ويرى استاذ المصارف أنه من المتوقع أن يؤدي ذلك إلى تعزيز البنية التحتية المالية وجعلها أكثر توافقاً مع المعايير الدولية، ما يسهم في تحسين الشفافية والكفاءة. كما أن التعاون مع شركة عالمية مثل “فيزا” قد يعزز من ثقة المؤسسات المالية الدولية في القطاع المصرفي السوري، ويمهد الطريق لعودة الاستثمارات الأجنبية. ولكن استعادة الثقة الدولية بشكل كامل ستتطلب جهوداً إضافية لضمان الامتثال للمعايير الدولية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
وحول الانعكاسات المتوقعة لتأسيس بنية مدفوعات رقمية وفق معايير فيزا على حجم الاقتصاد النقدي (الكاش) في سوريا، يرى محمد أن تأسيس بنية مدفوعات رقمية وفق معايير “فيزا” سيؤدي إلى تقليل الاعتماد على النقد (الكاش) في المعاملات اليومية، ما يعزز من شفافية الاقتصاد ويقلل من حجم الاقتصاد غير الرسمي. كما أن استخدام المدفوعات الرقمية سيزيد من سرعة وكفاءة المعاملات المصرفية، ما يسهم في تحسين تجربة العملاء وتقليل التكاليف التشغيلية للمصارف. بالإضافة إلى ذلك، فإن تقليل الاعتماد على الكاش قد يساعد في ضبط السيولة داخل السوق، ما يسهم في تقليل الضغوط التضخمية.
ومع ذلك، فإن تحقيق هذه الفوائد يتطلب تعاوناً وثيقاً بين القطاعين العام والخاص لضمان تبن واسع النطاق للتكنولوجيا الرقمية.
ويرى الخبير المصرفي أن أبرز التحديات التي قد تواجهها المؤسسات المالية السورية:
1. البنية التحتية التقنية: ضعف شبكات الاتصال ونقص المعدات الحديثة قد يعوق تطبيق منظومة المدفوعات الرقمية.
2. التدريب والتأهيل: الحاجة إلى تدريب الكوادر المصرفية على استخدام التكنولوجيا الحديثة.
3. الثقة والأمان: بناء ثقة العملاء في استخدام المدفوعات الرقمية وضمان حماية بياناتهم.
4. التكلفة: ارتفاع تكاليف تحديث الأنظمة والبنية التحتية.
واقترح محمد حلولاً لتجاوز هذه التحديات، عبر التعاون بين المؤسسات المالية مع شركات التكنولوجيا المالية لتوفير حلول مبتكرة وفاعلة من حيث التكلفة. كما يمكن للحكومة أن تلعب دوراً مهماً من خلال تقديم حوافز لتشجيع تبني التكنولوجيا الرقمية.
أما بالنسبة للمواطن، أوضح محمد إن تطبيق منظومة المدفوعات الإلكترونية سيؤدي إلى تحسين جودة الخدمات المالية، وتوفير الوقت والجهد في إجراء المعاملات. كما أن استخدام المحافظ الرقمية وبطاقات الدفع سيقلل من مخاطر حمل النقود ويوفر خيارات دفع أكثر أماناً ومرونة.
وختم بالقول: يمثل دخول شركة “فيزا” إلى السوق السورية خطوة استراتيجية نحو تحديث القطاع المالي وتعزيز الشمول المالي في البلاد.
ورغم التحديات التقنية والاقتصادية التي قد تواجه تطبيق منظومة المدفوعات الرقمية، فإن الفوائد المحتملة على الاقتصاد والمواطنين تجعل هذه الخطوة واعدة. من خلال التعاون بين القطاعين العام والخاص، يمكن لسوريا أن تستفيد من هذه الفرصة لتطوير نظام مالي حديث ومستدام، ما يسهم في تعزيز الثقة الدولية ودفع عجلة النمو الاقتصادي.
محمد راكان مصطفى