من الميدان

طيران التحالف يرتكب مجزرة جديدة في الرقة .. وأنقرة تقصف “قسد” على حدود الباب

فيما يرقى لأن يكون جريمة حرب، استهدفت طائرات «التحالف الدولي» الذي تقوده واشنطن، منطقة تقع خارج مدينة الرقة تجمع فيها النازحون خوفاً من المعارك الدائرة في ريف المدينة الشمالي، وأسفرت الغارات عن استشهاد 6 مواطنين وإصابة آخرين.

ومن على أحد منابر حلف شمال الأطلسي (الناتو)، طالب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان شركاءه الغربيين بدعم تركيا في مواجهة التنظيمات الإرهابية التي تواجهها، معلناً عزمه على تعزيز العلاقات مع روسيا بشكل منفصل عن إرادة بقية حلفائه في التحالف العسكري الباقي من أيام الحرب الباردة، على حين أكد رئيس هيئة الأركان التركية الجنرال خلوصي آكار أن قوات بلاده تعمل على مكافحة الإرهاب في كل من سورية والعراق فقط ولا تعتزم البقاء فيهما.

وأغارت طائرات تركية على مواقع مسلحي «مجلس منبج العسكري» (التابع لقوات سورية الديمقراطية) في منطقة العريمة الملاصقة لمدينة الباب، في رسالة ردع بالنار كي يبتعدوا عن المعركة لأجل هذه المدينة.

وخلال مقابلة مع إحدى الشبكات الأميركية، جدد أردوغان انتقاده لتعاون الولايات المتحدة مع «حزب الاتحاد الديمقراطي» الكردي (بيدا) وذراعه العسكرية «وحدات حماية الشعب» الكردية. وقال: «يجب على واشنطن ألا تدافع عن جماعة إرهابية فقط لأنهم يحاربون داعش، فكل المجاميع الإرهابية سيئة، ويجب أن نحاربها كلها»، لكنه أقر بأن أنقرة وواشنطن لم تتفقا على هذا الأمر حتى الآن. وتعتبر أنقرة (بيدا) بمنزلة امتداد سوري لحزب العمال الكردستاني «بي كا كا»، المصنف على لوائح الإرهاب التركية والأميركية والأوروبية.

ودعا أردوغان الإدارة الأميركية المقبلة إلى وقف الدعم المقدم لـ«وحدات حماية الشعب» الكردية التابعة لـ(بيدا).

وبدا أردوغان متحفظاً عن توجيه ذات الانتقادات العلنية لواشنطن خلال كلمة ألقاها أمس أمام الجمعية البرلمانية لـ«الناتو». وحذر في كلمته الدول التي تتبع ازدواجية المعايير في التعامل مع المنظمات الإرهابية (من دون أن يسميها)، من أنها ستدفع ثمن هذه السياسات عاجلاً أو آجلاً. ومد اليد لدول (الناتو) من أجل أن تساعد تركيا في «كفاحها للمنظمات الإرهابية مسمياً كلاً من منظمة «غولن» (التي يرأسها رجل الدين التركي فتح اللـه غولن)، داعش، و«بي كا كا».

وأوضح أردوغان أن تركيا اتخذت تدابير فعالة ولا تزال كذلك، لمنع وصول المقاتلين الأجانب إلى سورية والعراق، معتبراً في رسالة مبطنة لأوروبا أن تركيا تلعب دور السد في وجه تدفق الإرهابيين إلى أوروبا خاصة والعالم بأسره على وجه العموم. وأضاف محذراً: «إذا انهار هذا السد فإن هذه المنظمات ستغرق العالم بالدماء».

وعاد إلى عزف سنفونية المنطقة الآمنة، مكرراً دعوته للمجتمع الدولي إلى الإصغاء لتوصيات تركيا ومقترحاتها فيما يخص مكافحة المنظمات الإرهابية، وانتقد «تجاهل» المجتمع الدولي لتلك التوصيات، بالقول: «عرضنا إنشاء مناطق آمنة ومناطق حظر للطيران في الشمال السوري، وقلنا إننا نتكفّل في إعادة إعمار هذه المناطق بشرط أن توفروا لنا الدعم المادي المطلوب لذلك، ورغم أنهم أبدوا إعجابهم بهذه الفكرة، غير أن جميع الدول المعنية بالأزمة السورية لم يقدموا على أي خطوة لتحقيق هذه المقترحات».

وأكد أن تركيا ستواصل كفاحها بكل حزم للإرهاب، الذي يتغذى من الاستقطابات الطائفية الناجمة من الفراغ السياسي، والحكومات ضيقة الأفق في كل من سورية والعراق، على حد زعمه، معتبراً أن العالم لن يستطيع التخلص من بلاء الإرهاب إلا عن طريق معالجة الأسباب التي تدفع بالعناصر الإرهابية إلى الالتحاق بصفوف هذه المنظمات.

وأشار إلى عدم وجود أي دولة دفعت ثمناً باهظاً في مكافحة داعش وحصلت على نتائج ملموسة مثل تركيا، وأضاف: «السبب الذي دفعنا لدخول سورية مع «الجيش الحر» هو القضاء على التهديدات الجدية التي يمثلها داعش و(بيدا) وجناحه العسكري». وأعرب عن اعتقاده بأن تطبيع العلاقات بين بلاده وروسيا، سيكون له انعكاسات إيجابية بخصوص إيجاد حلول للمسائل الإقليمية، وجهود مكافحة الإرهاب.

ولطمأنة الروس، أكد رئيس هيئة الأركان التركية خلوصي آكار أن سبب انتشار القوات التركية في كل من سورية والعراق، هو محاربة المنظمات الإرهابية التي تشكل تهديداً للأمن القومي التركي انطلاقاً من أراضي هاتين الدولتين. وجدد تأكيده أن بلاده ليست لديها أطماع في الأراضي السورية والعراقية، وأنّ تصريحات بعض الأطراف حيال انتهاك تركيا لحرمة الأراضي السورية والعراقية ناجم عن جهل أو سوء نية تجاه تركيا.

وإذ أشار إلى التدابير التي تتخذها القوات التركية على طول الحدود مع سورية والعراق، ذكر أن إرهابيين يعبرون الحدود من تلك الدولتين إلى الداخل التركي للقيام بعمليات إرهابية تستهدف المواطنين الأتراك. وأكد حق بلاده بالدفاع عن سيادتها وأمن مواطنيها، لافتاً إلى أن القوات التركية ستنسحب عند انتهاء الإرهاب وعندما تشعر بأن تركيا في مأمن من خطر الإرهابيين.

ميدانياً، دمرت الطائرات الحربية التركية أمس الأول 6 مقرات و11 موقعاً دفاعياً لداعش في ريف حلب الشمالي، إضافة إلى 4 مواقع دفاعية كانت تستخدم من عناصر «بيدا»، حسب بيان صادر عن رئاسة الأركان التركية نشرته وكالة «الأناضول» التركية للأنباء.

وفي السياق ذاته، نقل «المرصد السوري لحقوق الإنسان» المعارض عن مصادر وصفها بـ«الموثوقة» أن طائرات تركية استهدفت مواقع مقاتلي «مجلس منبج العسكري» في قرى الشيخ ناصر وإيلان وقرت ويران القريبة من بلدة العريمة الواقعة بين مدينتي منبج والباب.

وأسفرت الغارات التركية عن مقتل مسلح من المجلس وإصابة 3 آخرين على الأقل بجراح متفاوتة الخطورة. وقبل أيام، سيطر مسلحو «منبج العسكري» التابع لـ«الديمقراطية» على هذه القرى عقب اشتباكات مع تنظيم داعش. وبدت غارات أمس الأول، وكأنها تنفيذ لتهديد تركي سابق لـ«حماية الشعب» بالبقاء بعيداً عن الباب. وعلى الرغم من أن الوحدات أعلنت انسحابها من منبج إلا أن تركيا رفضت الإقرار به، وهي لا تخفي سعيها إلى تحطيم «الإدارة الذاتية» في منبج، التي يتحكم بها حلفاء (بيدا)، في «مجلس منبج العسكري».

من جهة أخرى، أشار بيان الأركان التركية إلى أن مجموعات «وحدة المهام الخاصة» التابعة لميليشيات «الجيش الحر» المنخرطة في عملية درع الفرات «مستمرة في عملياتها الهادفة إلى السيطرة على مناطق واقعة في شرق وغرب مدينة الباب»، وذلك بدعم بري من تركيا. وأكد البيان أن الميليشيات سيطرت على مساحة ألف و800 كم تضم 215 قرية شمالي سورية، منذ انطلاق عملية «درع الفرات» أواخر شهر آب الماضي.

على صعيد منفصل، وفيما يرقى إلى جريمة حرب، استشهد 6 مواطنين جراء غارات طائرات «التحالف الدولي» الذي تقوده واشنطن، على منطقة النازحين في شمال مدينة الرقة. كما سقط عدد من الجرحى والشهداء في غارات لطائرات «التحالف الدولي» على قرية الصالحية شمال مدينة الرقة.

وانسحب تنظيم داعش مساء أمس الأول من قرية تل السمن في ريف الرقة الشمالي، بعد معارك مع «الديمقراطية» استمرت تسعة أيام. ولفتت مصادر إعلامية معارضة إلى أن الانسحاب جاء إثر القصف المكثف لطائرات «التحالف الدولي»، والمدفعي والصاروخي لـ«الديمقراطية» على مواقع التنظيم.

وتقع تل السمن في منطقة إستراتيجية على الطريق الرئيسي بين مدينتي الرقة وتل أبيض، وتعتبر من كبرى القرى الواقعة شمال الرقة، وتعد منطلقاً جديداً نحو الرقة حيث يجتمع فيها محورا عين عيسى الشمالي ومحور سلوك الكنطري.

وتراجع عناصر «الديمقراطية» قبل أربع أيام مسافة واحد كيلو متر في محيط تل السمن، بعد دخولها لساعات، من دون معرفة الأسباب حينها.

الوطن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock