اقتصاد

عيد: 80 بالمئة زيادة في التحصيلات الضريبية هذا العام

كشف مدير مالية دمشق محمد عيد لـ«الوطن» عن زيادة في نسبة تحصيلات الضرائب في المحافظة بنحو 80 بالمئة منذ بداية العام الجاري (2017) وحتى شهر تشرين الثاني، مقارنة بالعام الماضي (2016) متوقعاً أن تزيد النسبة مع نهاية العام عن 100 بالمئة، مشيراً إلى أن المبلغ المحصل من رتبة عشرات المليارات، دون أن يفصح عن الرقم الدقيق.

عزا عيد أسباب مضاعفة رقم التحصيلات الضريبية إلى عدة أسباب، أبرزها تفعيل إجراءات قانون جباية الأموال العامة، الذي أجاز لوزير المالية إيقاف إجراءات الجباية وفق الظروف، حيث تم العمل به منذ بداية الحرب وحتى منتصف العام 2013، إذ تم تفعيل الجباية مجدداً، والتشدد في متابعة التحصيل ووصول العديد من الملفات إلى مرحلة بيع الأملاك في المزاد العلني لتحصيل حق الدولة من الضرائب، وبالفعل تم تنفيذ البيع لعدد من الأملاك، بعضها يعود إلى مشروعات كبيرة، الأمر الذي دفع بالكثير من المكلفين للمبادرة بدفع ذممهم المالية المترتبة عليهم.

إلى جانب عوامل أخرى ساهمت بزيادة التحصيلات، مثل إيقاف قرارات تقسيط الضرائب لكبار المكلفين غير المعثّرين، إذ كان سائداً قبل ذلك الوقت قبول طلبات تقسيط لمكلفين كبار بالضريبة وهم غير معثرين، بما يخالف التشريع الضريبي، ذاكراً مثالاً لأحد كبار المكلفين طلب تقسيط ضريبته البالغة 50 مليون ليرة سورية علماً بأن أوضاع عمله جيدة ولا مشكلات إعثار تعترضه، ولدى سؤاله عن سبب طلب التقسيط، أجاب بأنه يسعى إلى تدوير مبلغ الضريبة بالدولار الأميركي في مؤسسته وللاستفادة من التقلبات السعرية وتحقيق أرباح بدلاً من إخراج المبلغ دفعة واحدة لمصحلة الخزينة العامة، وعلى ما يبدو أن حالة هذا المكلف ليست استثنائية، بل كان يتم العمل بتلك الطريقة بشكل بسيط ودون تعقيدات.

ونوّه عيد ببعض الإجراءات ذات الطابع التحفيزي لتسديد الذمم المالية، مثل القانون 25 للعام 2017 الذي تضمن الإعفاء من الغرامات والجزاءات لمن يسدد قبل نهاية العام. هذا إضافة إلى التشدد في بعض الإجراءات مثل فرض منع السفر على المكلفين الذين لديهم تراكمات ضريبية تتجاوز مبلغ مليون ليرة سورية قبل العام الجاري. متوقعاً اللجوء إلى مزيد من التشدد خلال العام القادم التي قد تصل إلى إغلاق المنشأة في حال عدم وجود أي إعثار، وذلك بموجب القانون رقم 10 للعام 2015.

50 بالمئة زيادة التحقيقات
بالانتقال مع عيد من مسألة التحصيلات إلى التحقيقات الضريبة، فقد كشف عن زيادتها هي الأخرى بنحو 50 بالمئة خلال العام الجاري مقارنة مع العام الماضي، وذلك كنتيجة أولية لعمل اللجنة الخاصة بدرسة التراكم الضريبي، وتنفيذ الخطط في مالية دمشق بشكل واسع، ما أدى إلى زيادة ملحوظة في التحقيقات الضريبية للمكلفين، وتشكيل مجموعات عمل لكل أقسام كبار وصغار المكلفين تضم 3 مراقبين، تتولى عملية تدقيق البيانات وإصدار قرارات التكليف.

وبدأ العمل بإنجاز التراكمات الضريبية لما قبل العام 2005 بمعدل 20 إضبارة لكل موظف مسؤول، وتم التخطيط لإنجاز التكليفات للأعوام 2015 و2016 للمكلفين المستمرين (المنتظمين) حتى نهاية شهر أيار من العام القادم، مع احتمال تمديد المدة بشكل بسيط لأسباب مرتبطة بالمورد البشري اللازم لإنجاز العمل.

وعن نتائج سياسات الاتفاقيات التي تم تفعيلها مع منشآت الإطعام (فوق نجمتين) في دمشق، التي بدأت هذا العام، أشار إلى أن النتائج جيدة لجهة التحصيلات، إذ تم تحصيل نحو مليار ليرة سورية هذا العام من 168 اتفاقية، كانت تدفع نحو 480 مليون ليرة، علماً بأن بعض المنشآت كانت تدفع أقل من 25 بالمئة من المبلغ المتفق عليه، لافتاً إلى أنهم في مالية دمشق لم يعتمدوا مبدأ الكراسي في تقييم حجم العمل، إذ تم الاتفاق مع أصحاب المنشآت على تقديم حجم عمل شهري بعد دراسة للمنشأة من لجنة تضم عدة جهات.

ضرائب غير محصلة
نفى عيد صحة ما يشاع من أرقام كبيرة تصل إلى 100 مليار ليرة سورية حول قيم المدورات الضريبية (التحققات غير المحصلة) في مالية دمشق، مؤكداً أن الرقم الحقيقي أقل من ذلك بكثير، ولا تتعدى بضعة مليارات، موضحاً أن 80 بالمئة من المدورات الضريبية هي ضرائب لجهات القطاع العام، التي تتم معالجتها بشكل قيدي عبر قانون التشابكات المالية، كما حدث هذا العام إذ صدر قانون تم خلاله حل تشابكات بقيمة تزيد على 10 مليارات ليرة سورية، وهي نحو 30 بالمئة من إجمالي المدورات الضريبية للقطاع العام.

أما النسبة المتبقية من المدورات فبعضها لمكلفين في المناطق الساخنة يصعب التواصل معهم، والآخر لمكلفين نزحوا من أماكن عملهم، ومكلفين متهربين ضريبياً لأعوام سابقة منها ملف يعود لعام 1999 يعالح في الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش بمبلغ 7 مليارات ليرة سورية، أكثرهم لمكلفين من دون مطرح ضريبي، مثل استخراج سجل تجار من دون تحقيق شروطه وممارسة عمل تجاري باسم صاحب السجل، إضافة إلى جزء مؤجل تحصيله لكون موقف التنفيذ بطلب من القضاء، وآخر خاضع لقرارات التقسيط وحالات إعلان البيع غير المنتهية.

ونوهّ عيد بمشكلة تعوق التحقيقات الضريبية، مرتبطة بعدم توافر الكادر الوظيفي، ففي دمشق هناك 73 منطقة جباية شاغرة من أصل 143 منطقة، أي نحو النصف، وذلك لعدم وجود عدد كاف من الجباة، حتى بعد الإعلان عن مسابقة للتعيين، فقد كان أغلب المتقدمين إناثاً، مشيراً إلى أن الموضوع قيد البحث لإيجاد حلول له.

مشكلة «التشريع الضريبي»
لفت عيد إلى وجود مشكلة في التواصل مع مديرية التشريع الضريبي في الهيئة العامة للرسوم والضرائب، وصفها بـ«العقدة»، إذ إن الكثير من الأسئلة التي ترسل إلى المديرية لا تلقى ردوداً، وبعضها يحمل سؤالاً في الإجابة عن السؤال، علماً بأن ذلك يؤثر في العمل الضريبي، ومن شأنه أن يعوق البحث في الملفات والأضابير الضريبية، مستغرباً استمرار الأمر على هذه الحال، ومتسائلاً عن المصلحة في ذلك.

قصة التهرب الضريبي
لدى سؤاله عن نسبة التحقيقات الضريبية القائمة مما يجب أن تكون، أكد عيد أن النسبة ضعيفة، ومن المأمول أن تصل إلى 30 بالمئة، إذ إن التحقيقات أقل بكثير من المطلوب، بسبب التهرب الضريبي، الذي وصفها بالمسألة العالمية، ولكن للأسف في حالتنا، فإن من يساهم في إضاعة حقوق الخزينة هم بعض العاملين في الإدارة الضريبية، من خلال مسكهم لحسابات بعض المكلفين، وبالتالي إخفاء النشاط الحقيقي للمكلف عبر تقديم بيانات غير صحيحة أو غير كاملة.

ومن أسباب التهرب الضريبي في سورية لفت عيد إلى غياب الوعي الضريبي، دون أن نقدم شيئاً في هذا الجانب، والشعور لدى بعض المكلفين بعدم وجود عدالة بالتكليف الضريبي، نتيجة محاباة بعض المكلفين من بعض المراقبين، وذلك إلى جانب شعور بعض المكلفين بارتفاع معدلات الضريبة، لافتاً إلى أن عدم الاهتمام بالإيرادات الضريبية قبل الحرب نظراً لتوافر الكثير من الموارد مثل النفط، أدى إلى بروز ظاهرة التشدّد في التكليف الضريبي وقت الأزمة مقابل التساهل وقت الرخاء –وهذه مفارقة في السياسة المالية-.

لافتاً إلى أن الحدّ من التهرب الضريبي مرتبط بتبسيط النظام الضريبي ووضوح النصوص التشريعية، وعدم ترك التكليف للتقديرات الشخصية ومزاجية المراقب، وذلك إضافة إلى زيادة كفاءة الإدارة الضريبية، إذ إن عدداً من العاملين في الإدارة الضريبية ليسوا على المستوى المهني والأخلاقي المطلوب. وأشار إلى ضرورة التعامل مع المكلف كشريك، وتفعيل التواصل المباشر معه، فتح حوار شفاف، وإشراك جمعية المحاسبين القانونيين في ذلك، للوصول إلى مرحلة الثقة والتقدير الذاتي للضريبة كما هو معمول فيه على نطاق واسع عالمياً اليوم، وقد أثمر نتائج مهمة في بعض البلدان العربية عبر زيادة التحصيلات بمعدلات عالية.

مشيراً إلى أن تطبيق تجربة التقدير الذاتي للضريبة التي يقوم بها المكلف من تلقاء نفسه لكونه الأجدر على ذلك، على أن تقوم الجهات الحكومية المعنية بسحب عينات عشوائية للتدقيق في ذلك التقدير؛ من شأنه حل الكثير من الإشكالات الضريبية، ورفع نسب التحصيلات بشكل كبير، وهو مشروع كان قيد البحث في العام 2012، واليوم تقوم اللجنة المكلفة إعادة النظر بالتشريع الضريبي بدراسته ضمن مجموعة مقترحات أخرى لتطوير النظام الضريبي.

وتعليقاً على نتائج التنقلات التي أجرتها الوزارة على عشرات الموظفين في المديرية التي طالت في جزء كبير منها معقبي المعاملات من الموظفين، بيّن أنها كانت جيدة، وتقريباً أصبحت الظاهرة شبه منعدمة في المديرية، إذ تم نقل العديد منهم خارج مبنى المديرية، إضافة إلى تحويل عشرات الموظفين إلى بعض الجهات الرقابية حيث يتم التحقيق في بعض الملفات، وبعضها أنجز وتم محاسبة المتورطين، وطالب عيد بإعداد دورات تأهيل وتدريب لمدققي الحسابات في الجهات الحكومية، وبطرق منهجية، وباعتماد مناهج علمية، من أجل تفعيل الرقابة على المؤسسات المتقدمة محاسبياً مثل المصارف وشركات التأمين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock