“مؤتمر المكوّنات”.. منصة انفصالية وواجهة سياسية لإفشال جهود الحوار الوطني

يكشف انعقاد ما يسمى “مؤتمر المكوّنات” في الحسكة بغطاء من “قسد” عمق الارتباط بالأجندات الخارجية، وسعي الاخيرة لتسويق نفسها كحاضنة جامعة لمكوّنات الشعب السوري، بينما الحقيقة أن المؤتمر ليس سوى واجهة سياسية لمشروع انفصالي يستهدف وحدة سوريا أرضاً وشعباً.
حيث قوبل هذا المؤتمر برفض شعبي واسع تجسّد في غياب شبه كامل للعشائر العربية الكبرى والأحزاب الكردية المستقلة، التي أكدت تمسّكها بالحل السوري–السوري تحت مظلة الدولة، ورفضها لأي منصة تُدار تحت حراب المحتل.
ورأى مراقبون أن العديد من المشاركين في المؤتمر هم شخصيات ذات ارتباطات مباشرة بجماعات متطرفة في جبال قنديل، أو ناشطون معروفون بصلاتهم مع منظمات إسرائيلية تتبنى مشاريع تقسيمية، مشيرين إلى أن الهدف الحقيقي هو تدويل القضية السوريّة وإضعاف الدولة.
وأوضح المراقبون أن هذا الرفض الشعبي المُنظّم، وغياب المكوّنات الأساسية عن المؤتمر، وجّه ضربة قوية لمحاولات “قسد” تسويقه كمنصة تمثيلية شرعية، كما أن كشف الارتباطات الخارجية للمشاركين أفقده المصداقية إعلامياً، إذ بات واضحاً للرأي العام أن ما جرى ليس إلا ورقة سياسية فاشلة، سقطت قبل أن تخرج من أروقة القاعة التي احتضنتها.
وهو ما أكده الشيخ عبد العزيز الخليف، أحد وجهاء عشائر الجبور، بقوله في تصريح صحفي: إن “من حضروا هذا المؤتمر لا يمثلون إلا أنفسهم وأسيادهم في قنديل وتل أبيب، فهؤلاء باعوا انتماءهم الوطني مقابل حفنة دولارات ومناصب زائفة”.
واللافت أن الشعارات المرفوعة حول “التعددية” و”اللامركزية” لم تكن سوى ستار دخاني لإخفاء حقيقة المشروع وتكريس سلطة أمر واقع مرتبطة بتيارات وقوى متطرفة، مقابل تهميش أي صوت وطني يدعو لوحدة البلاد.
حتى البيان الختامي للمؤتمر جاء محكوماً بسقف سياسي ضيّق يتماشى مع الخطوط العريضة التي ترسمها القوى الداعمة ومنسوخ حرفياً من قواميس مراكز قرار قسد في جبال قنديل وتل أبيب التي بدت أنها تدير المجتمعين عبر خيوط اللعبة السياسية والأمنية.
كما يُشكّل انعقاد المؤتمر في هذا التوقيت ضربة مباشرة لجهود الحكومة التي فتحت خلال الأشهر الماضية قنوات تواصل مع وجهاء العشائر وممثلي المجتمع المحلي في الجزيرة السوريّة، بهدف إيجاد صيغة تفاهم وطني تدمج جميع المكوّنات في مشروع الدولة الواحدة، لكن الخطوة الأخيرة لـ”قسد” تعكس رغبة في قطع الطريق أمام أي تقارب، وتثبيت وقائع سياسية تخدم مشروعاً تقسيمياً طويل الأمد.
ويرى المراقبون أن الخطاب الذي ساد المؤتمر تجاهل كليّاً مسألة نهب الموارد النفطية، ومعاناة السكان من ارتفاع الأسعار وتدهور الخدمات، مكتفياً بتكرار شعارات سياسية فضفاضة لا تمس جوهر الأزمة.
هذه الخطوة بدت وكأنها إعادة إنتاج لأجندات خارجية تستهدف وحدة سوريا وسيادتها، وتضع عراقيل إضافية أمام مسار الحوار الوطني الذي تبذله الدولة السورية مع مختلف الأطراف على قاعدة الثوابت الوطنية، ما يؤكد أن الحل لن يكون إلا بدمشق عبر حوار سوري–سوري تحت سقف الوطن، يحترم وحدة الأرض والشعب، أو ستكون كلمة الفصل للميدان التي يتقنها رجال الجيش العربي السوري.
الوطن