العناوين الرئيسيةسوريةسياسة

“مداد”: أزمة كورنا من أصعب ما تواجهه فواعل السياسة في سورية.. عامل كسب تجلى بالاحتكار والتهريب!

رأت دراسة صادرة عن مركز دمشق للأبحاث والدراسات “مداد” أن أزمة فايروس كورونا هي من أصعب ما تواجهه فواعل السياسة في سورية اليوم، كون التداعيات الملازمة له والناتجة عنه تضع المجتمع والدولة في مواجهة مخاطر كبيرة ، بعضها –وربما أكثرها– “لا فايروسي”، مثل الهلع الاجتماعيّ ذي الطابع أو المنعكس الاقتصادي، والسلوك الذئبي والغنائمي في قطاع المال والأعمال والتجارة، والتأثيرات المحتملة للظاهرة في الجوانب الأمنية والسياسية.
وأشارت الدراسة، التي حصلت “الوطن” على نسخة منها، إلى أن اللجنة الوزارية المتخصّصة بمواجهة خطر فايروس كورونا أخذت قرارات وأعلنت عن إجراءات غير مسبوقة، حتى في أحلك ظروف الحرب السورية منذ العام 2011، مدفوعة بهدف رئيس وهو حماية المجتمع من خطر الفايروس الذي يتهدد العالم. ووفقاً لتقدير اللجنة أن تلك سياسات وإجراءات مؤقتة، ولا يفترض أن تكون لها تداعيات مديدة أو عميقة بالنسبة للقطاع الاجتماعي والاقتصادي والتعليمي والخدمي في البلاد، ومن المفترض مراجعتها وفقاً لتطورات الأمور، بما في ذلك عودة تدريجية للحياة الطبيعية في البلاد، إلا أن الدراسة رأت امكانية أن يكون لاستمرار والإجراءات، منعكسات بالغة الحساسية والخطورة على المجتمع، وخاصة مع الافتقار للموارد التي يمكن أن تخصصها الحكومة لدعم قطاع العمل والإنتاج، ودعم الشرائح الاجتماعية الأكثر تضرراً واحتياجاً، وهذا أمر يُفترض أن يتم التعامل معه بجدية في حال استمرت أزمة كورونا، منوهة بوجود عوائق كبيرة قد تؤثر في تحقيق الهدف من الإجراءات الحكومية والمتركزة حول فكرة “الوقاية” أو “الحد من الانتشار” ، إذ يُعدُّ القطاع الصحي، الذي تقع على عاتقه مسؤولية مواجهة خطر الفايروس، أحد أكثر القطاعات تسرباً وإجهاداً في البلاد.
وبالنسبة لمحاولة خلق استجابة مناسبة لدى المجتمع، رأت الدراسة أنه كان للإجراءات والسياسات الحكومية تأثير متعاكس في هذا الصعيد، ويمكن من خلال نظرة تقديرية عامة وليس دراسات أو استقصاءات ميدانية، تقدير اتجاه الرأي العام حيال الإجراءات في مستويين أو خطين رئيسين إجراءات مطمئنة لجهة تولي السلطات مسؤولياتها حيال خطر أخذ يتهدد العالم برمته، ومنه سورية، وإجراءات أثارت المخاوف لجهة منعكساتها على العمل والإنتاج ومصادر الدخل وتدفق السلع والخدمات وارتفاع الأسعار، إلخ.
وأشارت إلى أنه برزت صعوبات في رسم السياسات العامة، وصعوبات في تنفيذها، إذ حدثت اختلالات واختناقات في قطاع الخدمات المالية والمصرفية لجهة الاختناقات في تسلم العاملين في القطاع الحكومي للرواتب والمستحقات المالية، ولجهة تأمين تدفق ميسّر للسلع والبضائع إلى الأسواق، وضبط تلاعب المحتكرين والموردين والتجار بالأسعار والجودة، حيث تركزت آثار الإجراءات بتعطّل كبير في دورة الحياة والإنتاج والعمل، ولا يغير من ذلك كثيراً السماح التدريجي باستئناف بعض الأعمال، وتوقف الدخل بالنسبة لشريحة كبيرة من الناس، وتراجعه بالنسبة لشرائح أخرى، وإرباك كبير (وشبه إيقاف) للتقويم المدرسي والجامعي، لأن عودة العملية التعليمية شبه متعذرة بوجود خطر الفايروس، الأمر الذي يمثل عامل ضغط شديد على فواعل صنع السياسات والإجراءات وعلى تنفيذها، وكذلك الأمر بالنسبة لتلقيها من قبل المجتمع، في بيئة اجتماعية أقل تفهماً للإجراءات والتعليمات والنصائح حيال خطر الفايروس، وبيئة أعمال واقتصاد غير متعاونة بل ذئبية وفايروسية.
ورأت الدراسة أن ظاهرة فايروس كورونا أصبحت “ظاهرة ريعية”، وعامل كسب فائق التأثير في البلاد تجلى بالاحتكار، والتهريب، والتلاعب بالمواصفات وجودة المنتج، ورفع الأسعار، إلخ، الأمر الذي أدى إلى استنزاف الكثير من الموارد المادية –وإلى حد ما المعنوية– لدى السياسات العامة، واستنزاف الموارد المادية والمعنوية لدى المجتمع، وخاصة الفئات الأقل دخلاً، لافتة إلى ملاحظة أن فواعل الأزمة أو المستفيدين منها وحتى المتأثرين بها! يتجهون –بمرور الوقت– إلى أن يصبحوا جزءاً من “دينامية إنتاج” أو “دينامية ريع” تعزز نفسها، وتفرض دينامياتها، بل وتعيد إنتاج نفسها بكيفية مستمرة، الأمر الذي يجعل من احتوائها أو تغييرها من قبل السلطات العامة مهمة بالغة الصعوبة، وخاصة مع وجود فساد إداري ومالي على نطاق واسع وعميق، “يتمفصل” بقوة –أو يتماهى عضوياً تقريباً– مع ديناميات السوق ورجال المال والأعمال والتجارة ذوي المدارك والطبائع الذئبية والغنائمية، وهذا ما يفسر –في جانب منه– كيف أنَّ كل محاولة لحل مشكلة خدمية أو اقتصادية وحتى صحية (طبيىة، دوائية، إلخ) تخلق المزيد من التعقيدات والمشكلات، ومَثَل ذلك مشكلات تأمين تدفق مناسب للمواد الغذائية والطبية والمتطلبات الأساسية للعيش خلال الأزمة.
وأكدت الدراسة ضرورة أن تبقى الإجراءات المتخذة إجراءات، فلا تصبح سياسات تخلق وقائع مادية واجتماعية واقتصادية، غير قابلة للمراجعة أو التراجع عنها، حتى وأن تمكنت السياسات الحكومية من اتخاذ “إجراءات تعويضية” لقطاع الأعمال، فمن غير المتوقع –باعتبار خبرة الحرب الطويلة– أن تنعكس بشكل إيجابي على المواطنين، وخاصة الفئات الأكثر تضرراً، وعلى حالة الاقتصاد السوري ككل.

محمد راكان مصطفى – الوطن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock