مديرية جديدة في “مركزي سوريا” لحماية حقوق المستهلك المالية

أعلن حاكم مصرف سورية المركزي الدكتور عبد القادر الحصرية أن المصرف المركزي بصدد إحداث مديرية متخصصة لحماية المستهلك في الخدمات المالية، بهدف ترسيخ مبادئ العدالة والمساءلة في تعامل المؤسسات المالية مع عملائها، وانطلاقاً من دور المصرف في تعزيز الشفافية وحماية حقوق المتعاملين في القطاع المالي.
وأشار الحاكم في منشور عبر صفحة المصرف المركزي إلى أن القرار يأتي في وقت يواجه فيه القطاع المالي مجموعة من التحديات المرتبطة بحماية المستهلك وتطوير جودة الخدمات، الأمر الذي يؤكد توجه المصرف المركزي نحو تعزيز الثقة بالقطاع المالي، وضمان بيئة مصرفية أكثر توازناً وإنصافاً.
وأوضح الحصرية أن المديرية الجديدة ستتولى المهام التالية:
– وضع الأطر التنظيمية والتشريعية الكفيلة بحماية حقوق المستهلك المالية.
– استقبال الشكاوى ومعالجتها وفق إجراءات شفافة وعادلة.
– مراقبة التزام المؤسسات المالية بمعايير السلوك المهني والإنصاف.
– تنفيذ برامج توعية مالية لرفع مستوى الثقافة المصرفية لدى الجمهور.
ولفت إلى أن المصرف يعمل حالياً على إعداد مشروع قانون لحماية المستهلك في الخدمات المالية، بما يتماشى مع أفضل الممارسات الدولية ويعزز الاستقرار المالي في سوريا.
ويؤكد المصرف أنه بينما يدرك التحديات التي يواجهها القطاع المالي بسبب التركة الثقيلة، فإن هذه الخطوة تشكل محطة أساسية في مسار تطوير النظام المالي السوري في المرحلة القادمة وتوضح توجه المصرف كجزء من رؤيته، وتُجسد التزامه بحماية المتعاملين وتعزيز الثقة المتبادلة بين المواطن والقطاع المالي.
الدكتور عبدالرحمن محمد أستاذ التمويل والمصارف في كلية الاقتصاد في جامعة حماه، قال في تصريح للوطن: في ظل التحديات الاقتصادية والمالية التي تواجه سوريا، تأتي مبادرة مصرف سوريا المركزي بإنشاء مديرية متخصصة لحماية المستهلك في الخدمات المالية كخطوة مهمة نحو تعزيز الشفافية والعدالة في القطاع المالي، تعكس التزام المصرف المركزي بتطوير البنية التحتية المالية، وحماية حقوق المتعاملين، وتعزيز الثقة بين المواطن والمؤسسات المالية.
وأضاف: بصراحة إن نجاح هذه المبادرة يعتمد على قدرتها على مواجهة التحديات الهيكلية التي يعاني منها القطاع المالي، وتطبيقها الفعلي على أرض الواقع.
وبرأي أستاذ الاقتصاد إنه ولضمان تطبيق مبادئ العدالة والشفافية، يجب أن تعمل المديرية على وضع أطر تنظيمية واضحة تُلزم المؤسسات المالية بمعايير السلوك المهني والإنصاف، كما يجب أن تُفعّل آليات رقابة صارمة على شركات الحوالات والصرافة، مع فرض عقوبات رادعة على المخالفين، موضحاً أنه يمكن تحقيق ذلك من خلال إنشاء قاعدة بيانات مركزية لمراقبة العمليات المالية، وتعزيز التعاون مع الجهات الأمنية والرقابية لمكافحة السوق السوداء وصرافي الطرقات، إلى جانب توفير قنوات اتصال مباشرة وسهلة للمواطنين للإبلاغ عن أي تجاوزات.
أما أبرز المعوقات التي قد تواجهها المديرية، بينً محمد أنها تتجلى في ضعف البنية التحتية التقنية اللازمة لمراقبة العمليات المالية، ونقص الكوادر المؤهلة للعمل في مجال حماية المستهلك المالي، ومقاومة بعض المؤسسات المالية للتغيير بسبب المصالح الشخصية.
وحول آلية استقبال الشكاوى ومعالجتها لتسهم في تمكين المواطن فهي تحتاج إلى تبسيط الإجراءات فيجب أن تكون عملية تقديم الشكاوى سهلة ومباشرة، سواء عبر الإنترنت أو من خلال مكاتب مخصصة في المصارف، مع ضرورة السرية وحماية المشتكي فضمان سرية بيانات المشتكي وحمايته من أي تبعات قد تؤثر على تعامله مع المصارف.
إضافة إلى الشفافية في المعالجة إذ يجب تقديم تقارير دورية توضح عدد الشكاوى التي تم استقبالها وكيفية معالجتها، ما يعزز الثقة في النظام، مع ضرورة وجود إجراءات قانونية واضحة ووضع إطار قانوني يضمن حق المواطن في المطالبة بحقوقه دون خوف من التعقيدات البيروقراطية.
وبالنسبة لبرامج التوعية المالية رأى أنها ستلعب دوراً محورياً في تغيير سلوك المواطن اليومي من خلال رفع مستوى الوعي عبر تعريف المواطنين بحقوقهم وواجباتهم في التعامل مع المؤسسات المالية، و تعزيز الثقة بتوضيح أهمية التعامل مع القنوات المصرفية الرسمية بدلاً من السوق الموازية، ناهيك عن تحسين القرارات المالية وتمكين المواطنين من اتخاذ قرارات مالية مدروسة، مثل اختيار القروض المناسبة أو الاستثمار الآمن، وتقليل الأمية المالية عبر إطلاق حملات توعية تستهدف الفئات الأكثر تأثراً، مثل الشباب والنساء، عبر وسائل الإعلام وورش العمل، مضيفاً: ومع ذلك، فإن نجاح هذه البرامج يعتمد على استمراريتها، وتكييفها مع احتياجات المجتمع، واستخدام وسائل تواصل فعّالة.
وعن مشروع قانون حماية المستهلك في الخدمات المالية أكد أستاذ الاقتصاد أنه يُعد خطوة أساسية، لكنه غير كافٍ وحده لاستعادة الثقة، معتبراً أنه لضمان نجاحه، يجب أن يكون جزءاً من بيئة تشريعية ومؤسسية متكاملة تشمل تعزيز استقلالية القضاء المالي لضمان تطبيق القانون بشكل عادل وشفاف، تطوير البنية التحتية التقنية لتسهيل مراقبة العمليات المالية وتنفيذ القانون، والتنسيق بين الجهات الرقابية مثل المصرف المركزي، وزارة المالية، والجهات الأمني، إلى جانب إشراك المجتمع المدني لضمان تمثيل مصالح المواطنين في صياغة وتنفيذ السياسات المالية.
وختم بالقول كرأي أكاديمي اقتصادي: إن إنشاء مديرية متخصصة لحماية المستهلك في الخدمات المالية يمثل خطوة إيجابية نحو تطوير القطاع المالي السوري وتعزيز الثقة بين المواطن والمؤسسات المالية، وإن نجاح هذه المبادرة يتطلب مواجهة التحديات الهيكلية التي يعاني منها القطاع، وتوفير بيئة تشريعية ومؤسسية داعمة، كما أن التركيز على التوعية المالية وبناء ثقافة مصرفية سليمة لدى المواطنين يُعد أمراً حيوياً لضمان استدامة هذه الجهود، وفي النهاية: إن تحقيق العدالة والشفافية في القطاع المالي ليس مجرد هدف قصير المدى، بل هو عملية مستمرة تتطلب التزاماً طويل الأمد من جميع الأطراف المعنية.
محمد راكان مصطفى