«معتقلون ومغيّبون».. فن توثيقي وأرشيفي عن الاعتقال والتعذيب في المتحف الوطني

تحت رعاية وزارة الثقافة والمديرية العامة للآثار والمتاحف وبحضور وزير الثقافة محمد ياسين صالح ووزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل هند قبوات والقائمة بأعمال السفارة الألمانية بدمشق آن صوفي افتتح المتحف الوطني بدمشق مساء أمس معرضاً فنياً ترافق مع بعض الأنشطة التي نظمتها منصة ذاكرة إبداعية للثورة السورية تحت عنوان ((معتقلون ومغيّبون)) وذلك بحضور رسمي وثقافي وشعبي مهم.
وأشار وزير الثقافة في الكلمة التي ألقاها إلى أن المعرض يأتي بالتزامن مع صدور المرسوم الجمهوري بتشكيل الهيئة الوطنية للمفقودين، بحيث لا يمكن أن ننهض بالثقافة إلا بالانطلاق من قاعدة الحقيقة، كما لا يمكن أن نصون الكرامة ما لم نمنح المغيّبين الحق في الاعتراف والمعرفة، فلا يمكن للحقيقة أن تهمّش أو تُطمس، ومسؤولية كشفها ملقاة على الجميع.
كما أعلن صالح في ختام حديثه عن تقديم جائزة مالية باسم الوزارة للأشخاص الذين حافظوا على المتحف خلال أيام السقوط الاولى وحالة الفوضى التي شهدتها البلاد تقديراً لجهود أولئك الأشخاص وعرفاناً بمجهودهم ودورهم البارز في ذلك.
على حين أفادت أمينة سر المتحف ريما خوام بأن إقامة هذه الفعالية في مكان كالمتحف الوطني لها رمزيات ودلالات عديدة ومهمة، فالمتحف يؤرخ لتاريخ البشر ويحفظ ذاكرتنا ويمنحنا مساحة لذاكرة السوريين المعاصرة، حول الفقد والصبر والغياب.
كما قالت القائمة بأعمال السفارة الألمانية في سوريا آن صوفي: “مجرد أن نكون هنا، وأن نُقيم المعرض في هذا المكان، وأن نتحدث معاً بحرية عن الماضي والحاضر والمستقبل هو لحظة بالغة الأهمية، ومؤشر إلى أن مساحة التفكير المشترك بدأت تتّسع، وأن الذاكرة بدأت تُستعاد.
وتهدف الفعالية إلى رصد ثيمتي الاعتقال والتعذيب خلال السنوات الماضية عبر التركيز على الجانب الفني والثقافي من خلال استحضار أعمال الفنانين الذين اعتقلهم النظام البائد وعذّبهم أو قتلهم بسبب مواقفهم منه، كما يرصد من خلال أعمال إبداعية الكثير من الأشخاص الذين تم اعتقالهم وتعذيبهم.
وقد أطلقت منصة ذاكرة إبداعية للثورة السورية العام المنصرم كتاباً حمل العنوان نفسه ((معتقلون ومغيّبون)) انطلقت فيه من مسألة الاعتقال والتغييب في سوريا بعد أن تحولت إلى شيء مشترك بين مختلف أبناء الجغرافيا السورية، ليشكل الكتاب بعداً سياسياً وحقوقياً يؤكد ما أرسته الدعاوى القضائية والأحكام التي صدرت في بلدان اللجوء ضد مرتكبي الجرائم في سوريا، ومنتهكي حقوق الإنسان.
ويتضمّن الكتاب كذلك دليلَ مشروع “معتقلون ومغيّّبون”، وهو الأوّل من نوعه الذي يجمع في مكان واحد كل أنواع المبادرات المتخصّصة أو التي تُولي موضوع الاعتقال والتغييب اهتماماً خاصّاً،
ويتكون الكتاب من مقدمتين وعشرة فصول: الاعتقال الأول – الفن في المعتقل – كيماوي الغوطة والتدهور الكبير – قيصر – تداعيات قيصر – إعدام شاعر – صيدنايا – نفق بلا نهاية – غليان داخلي – المحاكمات بارقة أمل، ليتفرد كل فصل منها بالحديث عن سردية عام كامل.
كما قامت المنصة بتنفيذ المعرض الذي يستمر حتى السادس من الشهر المقبل على نهج تصميم الكتاب، فقُسّم المعرض إلى عشرة فصول تحكي وتروي سنوات الثورة، وتنطلق بعام الاعتقال الأول ثم الفن في المعتقل ثم كيماوي الغوطة والتدهور الكبير، ثم قيصر والمسالخ البشرية لتأتي بعدها قوائم الموت وتتبعها محاكمات لانتزاع العدالة، وينتهي العرض بسقوط الديكتاتور.
وأرادت مديرة المنصة الفنانة سناء يازجي أن تقدم ثمرة 14 عاماً من العمل المتواصل في الفن والمزج بين التعذيب والتغييب والاعتقال مع الإبداع في باقة فنية جاءت عقب انطلاق الثورة، بحيث وُجدت ضرورة ملحة لتوثيق الألم بالفن، وهو ما راحت المنصة تعمل عليه منذ تأسيسها في عام 2013.
الوطن – مصعب أيوب