منوعات

مناصرة المقدّسات, عبر (حارس القدس)

هُويَّاتٌ و رموز، كاد عصرُ الانترنت و الذكاء الاصطناعي أن يغيِّبها..

جاءت الدراما السوريّة كالمعتاد أيقظتها، ألبستها أبهى الحُلَل، و أحيتها أمام الجمهور الواسع.

ليسَ من الغريبِ عن المجتمع السوريّ، بكافة فئاته، أن يناصر القضايا المجتمعية و الوجدانية للإنسان، بالأدب، بالعلم و بالفن (أي الدراما أكثر أوجهه مباشرةً).

و مع تطور التكنولوجيا و الذكاء الاصطناعي يضيع الفرد في دوامة العصر ويفقد ملامحه, لذا لا بدّ من الحفاظ عليها و على هوّيتها.

اجتمع الثلاثي: الكاتب حسن م. يوسف، المخرج باسل الخطيب و الممثل رشيد عسّاف ليناصروا قضايا هويتنا العربية عبر المسلسل الدرامي (حارس القدس) و تجسيد السيرة الذاتيّة للمطران المقدس إيلاريون كبوجي.

اللغة العربية في زمن لغة (العرب-اجنبية تلك اللغة العامية التي تحتوي مئات المصطلحات الأجنبية)، اختارت الطفل –ربيع جان- الذي يمثل دور المطران كبوجي في طفولته، ليتلو علينا قصائد جبران خليل جبران بكل ثقة و جدارة, من ألفاظ جزلة و مخارج حروف قوية و خطابة لا يسعك إلا أن تسمع بكل سرور و انتشاء.

سألت نفسي كم ستكون روح جبران مسرورة حين تسمع كلماتها وشعرها تصدح في تلك الأرض من جديد؟

القدس التي اختبأت في الذاكرة، أثناء موسم الربيع العربي، لكنّنا لم و لن ننسى المناصرة و الإشادة بتلك القبّة اللّامعة التي تلوح من بعيد، و تصلّي لنا جميعاً..

المرأة الفلسطينية، سأل الأب إيلاريون كبوجي في إحدى المشاهد حين كان يودّع القدس بعدما أنهى دراسته فيها: إذا كان الرب تجسّد في روح السيد المسيح, ألا يعقل أن تسكن السيدة مريم العذراء في قلب كل امرأة فلسطينية؟

وفي خضمّ هذه الدوامة، نسقط هذه المقاربة بكل براءة على كل امرأة ثكلى على ابنها الشهيد في سبيل قدسه السّورية، الفلسطينية، العراقيّة، التّونسية، المصرية وغيرها….

الاعتدال الديني، أيضاً نعود بنظرة أخرى لدوامة العصر و فقدان توازننا الروحيّ وسط هذا البركان الذي يغلي بين التعصبية تارة، والشكّ تارةً أخرى، تَرَى المُشاهد  في كل حلقة ينصت لنصيحة ،عبرة، قصة، أو حكمة روحيّة دينية سليمة خفيفة الظلّ على الروح المعاصرة.

 

بالإضافة إلى هذا العمل المُتقَن المتكامل، تتكاتف ألحان الأستاذ سمير كويفاتي، و صوت المطربة ميادة بسيليس تغني شارة البداية من كلمات قصيدة الشاعر الفلسطيني الراحل (يوسف الخطيب)، و بقية كادر العمل الذي عمل بجدّ و إخلاص لإثارة الهوية العربيّة السليمة بداخلنا.

نحن مستمرون، مستمرون أبداً في مناصرة الهوية بالقلم، بالدراما، التي لولاها لا نملك شيئاً قط!

في الختام المسك، أذكر بعض الأبيات لقصيدة الراحل جسداً _ الباقي شِعراً (يوسف الخطيب):

 

أبتِ, أسرّ إليكَ أنًّ غسول هذي الأرض من دمنا

و أنَّ يداً تعتِّق للصباحِ صفاء أدمعنا

و أن غداً سيولد من مخاض غد

فيرحم حزن هذا الكون في أحناء أضلعنا

أبت, لمحت شبه هذا الوجه خلف شبيهة القضبان

بين ألفين أذكر شبه هذا الليل و السياف و السجان

يا أبت, أذكر ان هذا السجن كان السجن

و الرؤيا هي الرؤيا هي الرؤيا

عُلا طه

 

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock