سورية

موسكو: المسلحون متواطئون مع «النصرة» واستهدافهم مشروع ونعول على غريزتهم للبقاء

وسط تحذيرات استخباراتية غربية من هجوم روسي ضخم على مواقع المسلحين في أحياء حلب الشرقية، وسمت الدبلوماسية الروسية جميع المسلحين في تلك الأحياء بـ«المتواطئين والمتعاونين» مع «جبهة فتح الشام» (النصرة سابقاً)، واعتبرتهم «أهدافاً مشروعة». وإذ أكدت أن التهدئة المعلنة من سلاحي الجو الروسي والسوري في حلب والمستمرة لأسبوعين كافية لتحقيق الفصل بين «المعتدلين» و«النصرة»، أشارت إلى أن روسيا ستعيد النظر في تقييماتها ما لم تفض التهدئة إلى إنجاز أهدافها. وبدا أن الدبلوماسية الروسية تعول على «غريزة المسلحين المعتدلين للبقاء» كي يستفيدوا من التهدئة الإنسانية، لمغادرة مواقع «فتح الشام». إلا أن المسلحين و«فتح الشام» استغلوا تعليق الغارات الجوية وشنوا هجوماً واسعاً على مواقع الجيش العربي السوري وحلفائه في أحياء الغربية، تسبب بإثارة صدمة لدى المبعوث الأممي إلى سورية ستيفان دي ميستورا. وأعلنت موسكو عن التهدئة من أجل إفساح المجال أمام المشاورات الدائرة في مدينة جنيف السويسرية بين خبراء عسكريين من روسيا والولايات المتحدة، السعودية، تركيا وقطر، التي تبحث سبل فصل «المعتدلين» عن «النصرة» في حلب.
وهناك فجوة في العملية بين واشنطن وحلفائها من جهة وموسكو من جهة أخرى، إذ على حين تعتمد واشنطن خطة دي ميستورا القاضية بتقديم ضمانات روسية لتأمين انسحاب 900 عنصر من مسلحي «النصرة» من أحياء حلب الشرقية إلى إدلب مع بقاء نحو 7000 مسلح في مواقعهم، تعرض موسكو عدة مسارات آمنة لإخلاء المسلحين «المعتدلين» من مواقعهم في الأحياء الشرقية لحلب، على أن تتواصل فيما بعد العمليات العسكرية للقضاء على الإرهابيين المتبقين. ووصف وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، تعليق طلعات القوات الجوية الفضائية الروسية وسلاح الجو السوري حول حلب لمدة نحو أسبوعين، بـ«الكافي للفصل (بين الإرهابيين والمعتدلين)»، وأضاف محذراً خلال مؤتمر صحفي مع نظيره القبرصي يوانس كاسولديس في العاصمة الروسية موسكو: «وإذا لم يحدث ذلك، فعلينا أن نراجع تقييماتنا السابقة بقدر ما». واستدرك متابعاً: «قلنا، سابقاً، إن الولايات المتحدة وحلفاءها، كما يبدو، عاجزون أو ربما لا يريدون عزل المعتدلين عن «جبهة النصرة». أما الآن، فعلينا أن نقول إنهم لا يريدون فعلاً القيام بذلك».
وبشأن المعارك الدائرة في جنوب غرب حلب، قال لافروف: «بدأت الأصوات تعلو من جانب دي ميستورا ووسائل الإعلام الغربية على حد سواء، مقرةً بأن «النصرة» هي التي تستهدف مواقع القوات الحكومية.. يدل هذا الأمر على أن تلك الجرائم بلغت أبعاداً لا تسمح بغض النظر عن انفلات هؤلاء المتطرفين». وسخر من تقييمات شركاء روسيا الغربيين الذين سبق لهم أن أصروا على أن عدد مسلحي «النصرة» في أحياء حلب الشرقية، لا يتجاوز مئتين أو ثلاثمئة، مشيراً في هذا الصدد إلى إقرار وسائل الإعلام الغربية بأن «النصرة» هي التي تقود الهجمات التي تنفذ انطلاقاً من تلك الأحياء، وشدد على أنه من المستحيل أن ينفذ مثل هذا العدد القليل من المسلحين كل عمليات القصف هذه على المنشآت المدنية.
واستنتج أن المسلحين في حلب الشرقية، يبقون، سواء بإرادتهم أم بغير إرادتهم، «متواطئين» في جرائم «النصرة»، «حتى إذا لم يشاركوا بصورة مباشرة في الأعمال القتالية»، وخلص إلى أن أولئك المسلحين «مرتبطون بالتنظيم في أي حال من الأحوال». وجدد دعوته إلى شركاء روسيا الغربيين والشركاء في المنطقة، لكي يطالبوا مختلف فصائل المعارضة في أحياء حلب الشرقية، بالانسحاب فوراً وبالتنصل من «جبهة النصرة»، لكي يتمكن المجتمع الدولي من التركيز على محاربة الإرهاب. واستدرك قائلاً: «إننا نأمل في أن تتغلب غريزة البقاء في نهاية المطاف، لأن مغازلة الإرهابيين ومحاولات استغلالهم لتحقيق أهداف معينة، لم تؤد أبداً إلى شيء إيجابي. وفي نهاية المطاف، وجه هؤلاء الإرهابيون في كل حال من الأحوال، أسلحتهم على أولئك الذين حاولوا توحيدهم. فالأميركيون يعرفون ذلك، على الأرجح، أفضل من غيرهم».
ونفى طرح احتمال إقامة قاعدة عسكرية روسية في قبرص خلال الاتصالات بين موسكو ونيقوسيا. وبدوره أكد وزير الخارجية القبرصي أن موضوع إقامة قاعدة عسكرية روسية في أراضي قبرص غير مطروح على الإطلاق.
وسبق للافروف أن وصف في حديث تلفزيوني سلوك الغرب بشأن سورية بالهستيريا، مشيراً في هذا الصدد إلى اتهامات الأميركيين والبريطانيين للروس بارتكاب فظاعات همجية وجرائم حرب في سورية، وأكد في المقابل أن قصف حلف شمال الأطلسي «الناتو» ليوغسلافيا عام 1999 كان عدواناً.
وفي هذا السياق، دعا مفوض الخارجية الروسية لحقوق الإنسان والديمقراطية وسيادة القانون قسطنطين دولغوف إلى إجراء تحقيق في جميع ضربات التحالف بقيادة الولايات المتحدة على المواقع المدنية في سورية والعراق، التي تسببت بمقتل «مدنيين حقيقيين» وليس مجرد «أشخاص وهميين»، حسبما نقلت وكالة الأنباء «سانا» عن إيجاز صحفي نشره المسؤول الروسي. وحذر دولغوف من أن التنظيمات الإرهابية تستفيد من «التضليل» الذي تمارسه وسائل الإعلام الغربية بشأن عمل روسيا في سورية، وشدد على أن روسيا تعتبر محاورات تشويه سمعتها «عامل دعم للإرهابيين».
في الغضون، رجح مصدر برلماني روسي أن يتم عرض الاتفاقية الروسية السورية الخاصة بإقامة قاعدة بحرية روسية في ميناء طرطوس، على مجلس النواب الروسي (الدوما) أواسط الأسبوع المقبل.
والشهر الماضي، أعلنت وزارة الدفاع الروسية عن نيتها نشر قاعدة عسكرية بحرية دائمة في ميناء طرطوس، الذي يقع فيه حالياً مركز الإمداد المادي والتقني الروسي. وسبق لروسيا أن نشرت منظومة «إس 300» في طرطوس. وأكد مسؤولون عسكريون روس أن المهمة الرئيسية لمنظومتي «إس 300» المنشورة في طرطوس و«إس 400» المنشورة في قاعدة حميميم بريف اللاذقية، تكمن في حماية القاعدتين الروسيتين.
وكالات

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock