أحلام على مقاعد الوزارة.. أطفال يرسمون سوريا الجديدة

لم يكن صباح اليوم العالمي للطفل مجرد مناسبة احتفالية عابرة، لعدد من أطفال سورياٍ حملوا، ككثير من أقرانهم، على أعناقهم إرثاً أثقل من سنوات عمرهم، بل كان لحظة استثنائية تُعيد ربط الحلم بالواقع، حين استقبل الرئيس أحمد الشرع وعقيلته السيدة لطيفة الدروبي مجموعة من أبناء الشهداء، ليفتحا أمامهم مساحة تليق بأحلامهم، مساحة يجلسون فيها لا كأطفال فقط، بل كوزراء صغار يتحدثون بثقة عن مستقبل وطنٍ يرونه أكبر من الألم وأجمل من الجراح.
وكما ظهر في فيديو نشر على منصات التواصل الاجتماعي، دخل الأطفال القاعة بحماسة “الحالم المستكشف”، ليصافحوا السيد الرئيس وعقيلته، مصافحة الأب الحاني والأم الحنون، التي رحبت بهم بابتسامة وترحاب أمومي دافئ: “أهلاً وسهلاً بكم الوزراء الصغار ” عبارة بسيطة، لكنها حملت في طياتها معنى الانتماء، ومعه شعور لحظي بأن هذه اللحظة خلقت من أجلهم.
كلمات الرئيس الشرع الترحيبية، حملت معاني كبيرة، حيث رحب بهم بكلمات جمعت بين الاعتزاز والصدق، مؤكداً أن ما وصلت إليه البلاد هو ثمرة تضحيات آبائهم، وأن أبناء الشهداء ليسوا مجرد ضيوف في الوطن، بل شركاء في صناعته، مشددا على أن الثورة التي حولت الألم إلى قوة أصبحت اليوم دولة بمؤسساتها، وأن المستقبل الذي يحلمون به ليس بعيداً عن أيديهم.
أحلام بحجم وطن
لم يكن اللقاء بروتوكولياً تقليدياً، جلس كل طفل في مقعد “وزارته”، وقدّم رؤيته كما لو أنه بالفعل في اجتماع حكومي رسمي، أحدهم تحدث عن تطوير التعليم ليكون أكثر حداثة ومرونة، وآخر تمنى برامج تحمي الفقراء وتؤمن الأمهات، وثالث تمنى ان يشهد ثقافة تحكي قصص سوريا الجميلة، وأن يعرف العالم أن سوريا بلد الأبجدية والفن والموسيقا، طفلة بأحلام واضحة شرحت كيف يمكن لوزارة الخدمات العامة أن تجعل المدن أكثر جمالاً وبيئة نظيفة، فيما تحدث آخر عن الدفاع والأمن بعين طفلٍ يعرف قيمة الأمان لأنه افتقده يوماً.
كانت كلماتهم بريئة، لكنها صادقة، وكانت رؤيتهم بسيطة، لكنها عميقة، بدا المشهد وكأنه تمرين صغير على المستقبل، لكنه في الحقيقة كان رسالة كبيرة، مفادها ” أن الأطفال، مهما اختلفت ظروفهم، يحملون القدرة على التفكير… وعلى الحلم… وعلى البناء”.
وزارة ليست لقباً… بل مسؤولية
الرئيس الشرع شدّد خلال حديثه معهم على أن الوزارة ليست منصباً تشريفياً ، بل مسؤولية تحتاج إلى قلبٍ صادق وعقلٍ متعاون، شرح لهم كيف تتكامل الوزارات مع بعضها: الدفاع يحمي، والداخلية تؤمّن، والمؤسسات الخدمية تعمل من أجل حياة الناس، أراد أن يزرع في قلوبهم فكرة أن العمل العام هو عمل جماعي، وأن النجاح يولد من التعاون لا من الفردية.
ثم توجه إليهم بكلمات بدت وكأنها وعد ونبوءة معاً:”هذه التجربة يمكن أن تتحول إلى حقيقة بكل بساطة… وبكل سهولة، فكانت تلك الجملة كافية لتلمع العيون الصغيرة من جديد، وكأن المستقبل اقترب خطوة.
إنسانية تتقدّم على السياسة
في نهاية اللقاء، غادر الأطفال القاعة وقد تركوا فيها ضحكاتهم وأحلامهم الصغيرة، وخرجوا حاملين شيئاً أكبر من هدايا المناسبات، خرجوا وهم يعرفون أن الوطن يسمعهم، وأن أصواتهم — مهما كانت خافتة — قادرة على رسم طريق.
مشهد الأطفال بزيّ “وزرائهم” لم يكن مجرد حدث إعلامي، بل كان مساحة إنسانية صافية، تعيد للطفولة حقها في الحلم، وللوطن حقه في الأمل.
لقد كانوا وزراء ليومٍ واحد… لكنهم كانوا أبناء الشهداء إلى الأبد، وأبناء الشهداء، كما قال السيد الرئيس، شركاء في الانتصار… وشركاء في المستقبل.
الوطن