مقالات وآراء

أزمة البوستر الإعلاني

بقلم: اسماعيل مروة

أثارت ضجة على وسائل التواصل الاجتماعي حول البوستر الإعلاني لمسلسل شارع شيكاغو للمخرج محمد عبدالعزيز. وهذه الضجة لا مسوغ لها إن كانت مع أو ضد. فالبوستر أقرب ما يكون إلى المشهدية الفنية التي تلامس الرسم. فمن أحب هذه المشهدية فله رأيه ومن لم تعجبه فله رأيه أيضا ولكلا الرأيين الاحترام لأن صاحب الرأي ينطلق من مسلماته ومفهوماته ورؤيته للفن ودوره.

ويتناسى المتناقشون أنه كان يذهب إلى دور السينما بدافع من الإعلان وقد لا يكون المشهد موجودا!

وغير المسوغ وغير المقبول أن يأخذ النقاش المنحى الأخلاقي والديني! علما بأن الفن والإبداع لا يخضعان للمعيار الأخلاقي أو المعيار الديني.

أنا حر في أن أحب أو لا أحب ولكنني لا أملك الحرية في رفض الآخر وفي اتهامه ووصفه بالأوصاف غير اللائقة!

ولست حرا في وصف من لم يعجبه الأمر بأوصاف إلا إذا تجاوز حد عدم الحب للأمر.

النقاش على تدني ألفاظه في كثير من المرات قدم خدمة إعلانية مهمة للمسلسل وسيرفع من نسبة مشاهدته بل تسويقه.

وربما كان هذا الكلام مقصودا لخدمة العمل. فإن كان مقصودا لابد من الإشادة به والتحذير منه لأنه يسيء للفن والأشخاص ويجعل العاملين عرضة للطعن والخطر.

لكن الأخطر أنه يعزز ثقافة مجتمعية غريبة في القدرة على مصادرة الفن ومعالجته للقضايا. فما نراه في الإعلان نراه في الشوارع والحدائق. ومن باب أولى أن نحاربه حين يخدش الذوق العام وعلى قارعة طريق أما في مشهدية تنقل المجتمع وما يجري فلا يجوز أن تدار النقاشات بهذا العنف!

ويسأل المرء نفسه هل عادت طرائق تفكيرنا ومحاسبتنا للناس إلى عقود بعيدة؟

قبل خمسين عاما كان الفن أكثر تحررا فما الذي جرى لنعود القهقرى؟

قد يقول قائل ذاك يصلح للسينما لا للتلفزيون! والجواب ببساطة إن أعمالنا الدرامية التلفزيونية قدمت الصورة بحرية كبيرة كما في عمل أحلام منتصف الليل الذي أنتجه التلفزيون السوري.

والكبير دريد لحام مع برناديت حديب والراحل عصام عبه جي قدموا مشهدية الاعتداء على الشرف وكانت معبرة ومؤثرة.

والأعمال الدرامية السورية والمشتركة قدمت الحميمية المبالغ بها وقدمت الاعتداء على الطفولة وقدمت العلاقات المحرمة وكل ذلك كان واضحا ومباشرا ومنفرا!!

ولم يصل النقاش إلى هذا المستوى لأن البوستر الإعلاني أخفى موضوع العمل؟!

فلنتابع ولنشاهد ولنحكم على القيمة الفنية والفكرية دون الإساءة للناس وسورية وتاريخها الفني وانفتاحها الأزلي.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock