إدلب من طاردة للعمالة زمن النظام إلى جاذبة لها خلال الثورة وبعد التحرير

زخرت محافظة إدلب خلال تاريخها القديم بتعاقب الحضارات على أرضها، فكانت موئلاً حضارياً مهماً تستقطب من خلاله أهالي الغزاة إلى بقعتها الجغرافية الحيوية الفريدة من نوعها، كبوابة لسوريا إلى الشمال حيث تركيا وأوروبا.
ولطالما شكلت أوروبا حلماً لقاطني إدلب للهجرة إليها زمن النظام البائد الذي همّش المحافظة على مدار عقود، وضغط على سكانها لمغادرتها سواء نحو الداخل السوري أم الخارج الأوروبي.
كما جعل النظام البائد من إدلب، الملقبة بـ”الخضراء” لكثرة أشجار الزيتون فيها، منطقة طاردة للعمالة لغياب مقومات الحياة فيها وتدني مستوى الخدمات وفرص العمل.
ويقول محمد العثمان من بلدة النيرب لـ”الوطن”: “وصل عدد المغتربين من بلدتنا الصغيرة إلى قبرص اليونانية وحدها إلى أكثر من 150 مهاجراً، وكان كل شاب في البلدة مشروع هجرة زمن النظام، الذي لم يكن يوفر فرص حياة كريمة لجميع أهالي إدلب”.
وأضاف محمد: “اختلفت الأمور كثيراً بعد قيام الثورة السورية المباركة واحتضان المحافظة بقية سكان المحافظات الأخرى الذين هجّرهم النظام إليها “، مشيراً إلى أن العديد من مُهاجري البلدة عادوا إليها بعد تحرير البلاد من النظام البائد واستقروا فيها.
ويشاركه الرأي محمد قدي من بلدة أورم الجوز، والذي رأى أن إدلب باتت خلال سنوات الثورة وبعد تحريرها جاذبة للعمالة بعدما كانت طاردة لها زمن النظام المخلوع.
ويستشهد على ذلك بقوله: “استوطنت بلدتنا عشرات العائلات المهجّرة من بلدات ومدن الغوطة الشرقية، ووجد أفرادها فرص عمل فيها، وبقي العديد منهم في البلدة بعد التحرير لمزاولة أعمالهم السابقة فيها، ومنهم من أقام علاقات مصاهرة مع عائلات بلدتنا شجعتهم على البقاء فيها راهناً ومستقبلاً”.
ويمكن لزوار ريف إدلب الشمالي ملاحظة تطور قراه وبلداته واتساع نطاقها العمراني، وصولاً إلى الحدود التركية، واستحداث مهن جديدة عديدة، مثل مهن إصلاح السيارات على اختلافها، على أيدي المهاجرين الجدد الذين آثروا استيطان تلك القرى والبلدات بشكل دائم.
وأصبحت الحال أن عدد سكان إدلب تضاعف خلال سنوات الثورة، إثر احتضان أهلها للوافدين من كل المحافظات السورية وتأمين السكن وفرص العمل لهم، على الرغم من الوضع الأمني السيئ بفعل قصف النظام وإصراره على معاقبة السكان ووقف تطور اقتصاد المحافظة الذي حقق قفزات كبيرة تخطت ما هي عليه الحال في بلدات ومدن سيطرة النظام البائد.
ولا تزال المدن التي نهضت عمرانياً واقتصادياً زمن الثورة، مثل الدانا وسرمدا، تواصل ازدهارها وتطورها بعد التحرير كقاطرة اقتصادية للبلاد بأكملها، من دون أن يهجرها معظم الوافدين والمهجّرين إليها، بعدما غدت المحافظة، بعد مضي سنة كاملة على تحرير البلاد، حاضنة لجميع السوريين ورمزاً وأيقونة للثورة السورية المباركة.
إدلب- خالد زنكلو