مقالات وآراء

إنجاز القضية العظيمة للقضاء على الفقر المدقع … مواصلة السير نحو الرخاء المشترك

| بقلم: السفير الصيني في سورية – فيانغ بياو

في يوم 25 شباط، أعلن الرئيس الصيني شي جينبينغ بكل مهابة في المؤتمر التكريمي للمساهمين في مكافحة الفقر، أن الصين، بالجهود المشتركة من أبناء الشعب من كل القوميات، وقبيل اللحظة المهمة للذكرى المئوية لتأسيس الحزب الشيوعي الصيني، حققت انتصارا شاملاً في معركتها للقضاء على الفقر، إذ إنها انتشلت 98.99 مليون نسمة في الأرياف و832 محافظة و128 ألف قرية من براثن الفقر، وتمكنت من القضاء على الفقر الإقليمي الشامل وإنجاز المهمة الصعبة للقضاء على الفقر المدقع، الأمر الذي يرمز إلى أن الصين حققت انتصاراً في أكبر معركة ضد الفقر وأعظمها وأكثرها شيوعاً في تاريخ البشرية، كما يرمز إلى أن الشعب الصيني اقترب من تحقيق حلم المجتمع الرغيد على نحو شامل، وخلق معجزة غير مسبوقة في مسيرة البشرية لمكافحة الفقر.
ظلّ الفقر معضلة تعرقل التنمية والحوكمة العالمية، يمتلئ تاريخ الصين بالقصص حول معارك الأمة الصينية ضد الفقر. إن إنجازات الصين المرموقة في مكافحة الفقر يكمن سرها في الانطلاق من الخصوصية الوطنية واحترام قانون مكافحة الفقر، مما شكل النظرية والطريق ذي الخصائص الصينية لمكافحة الفقر.
أولاً، الالتزام بالقيادة القوية للحزب الشيوعي الصيني: يسعى الحزب الشيوعي الصيني منذ نشأته إلى تحقيق السعادة للشعب الصيني وتحقيق النهضة العظيمة للأمة الصينية. في عام 2012، رسم المؤتمر العام الـ18 للحزب الشيوعي الصيني خطة عريضة وعظيمة لبناء المجتمع الرغيد على نحو شامل وتسريع وتيرة تحقيق التحديث الاشتراكي، وأطلق نداءً للشعب الصيني ليتقدم نحو تحقيق «الهدفين المئويين»: في عام 2021، أي بحلول الذكرى المئوية لتأسيس الحزب الشيوعي الصيني، سيتم بناء المجتمع الرغيد على نحو شامل، وفي عام 2049، أي بحلول الذكرى المئوية لتأسيس جمهورية الصين الشعبية، ستتم إقامة دولة اشتراكية حديثة وقوية يسودها الغنى والقوة والديمقراطية والحضارة والتناغم والجمال. جاء هذا الإنجاز بفضل التوجيه والمتابعة من الرئيس شي جينبينغ بنفسه، حيث ترأس 7 جلسات العمل للجنة المركزية حول مكافحة الفقر على التوالي منذ المؤتمر العام الـ18 للحزب الشيوعي الصيني، بحث في أعمال مكافحة الفقر لأكثر من 50 مرة، وقام بزيارات ميدانية لـ14 منطقة في غاية الفقر، وأصر على زيارة المناطق الفقيرة الحقيقية، وعلى معرفة وقائع مكافحة الفقر بصورتها الحقيقية. في هذا السياق، بعثت اللجنة المركزية الكوادر الممتازة للخوض في معركة مكافحة الفقر، حيث اختارت 255 ألف فريق للعمل المقيم في الأرياف، وأكثر من 3 ملايين أمين حزبي وكادر في الأرياف، مما ساهم في تعزيز قوة كوادر مكافحة الفقر في الجبهة الأولى.
ثانياً، الالتزام بمفهوم الشعب أولا في التنمية: ظل الحزب الشيوعي الصيني يضع الشعب في الأولوية، ويؤكد أن القضاء على الفقر وتحسين معيشة الشعب وتحقيق الرخاء المشترك تكون المقومات الأساسية للاشتراكية، من أجل تطبيق الهدف الأساسي المتمثل في «خدمة الشعب»، بذل ملايين كوادر مكافحة الفقر قصارى جهدهم وكرّسوا أجمل أعمارهم في قضية مكافحة الفقر، حتى قدم أكثر من 1800 عضو في الحزب أرواحهم في سبيل هذه المسيرة، الأمر الذي يجسد تجسيداً حياً للغاية الأصلية للحزب الشيوعي الصيني.
ثالثاً، الالتزام بتوظيف مزايا نظام الاشتراكية ذات الخصائص الصينية: إن التحديث الذي تسعى إليه الصين هو التحديث على أساس الرخاء المشترك، في هذا السياق، يعمل الحزب الشيوعي الصيني والحكومة الصينية على توظيف مزايا نظام الاشتراكية ذات الخصائص الصينية المتمثلة في تركيز الجهود لإنجاز المشاريع الكبيرة، وبلورة الإرادة المشتركة والعمل المشترك لمكافحة الفقر؛ تعبئة قوة الحزب وأبناء الشعب من كل القوميات وكل الأوساط الاجتماعية لإعلان الحرب ضد الفقر، وحشد قوة الحزب والحكومة والجيش والشعب والأكاديميين والعمل بقلب رجل واحد لإنجاز هذه المهمة الصعبة؛ تعزيز التنسيق بين المناطق في الشرق والغرب لمكافحة الفقر، وتشجيع المناطق القوية على مساعدة المناطق الفقيرة، ودفع الكفاءات والاستثمارات والتقنيات للتوجه إلى المناطق الفقيرة.
إن القضاء على الفقر في الصين لا يعني تعزيز الرفاهية لشعبها فحسب، بل يقدم قوة الصين وحكمتها للقضية العالمية لمكافحة الفقر منذ المؤتمر العام الـ18 للحزب، تخلص أكثر من 10 ملايين نسمة من الفقر سنوياً في الصين، وهو عدد السكان لدولة متوسطة الحجم. وفق المعيار الدولي للفقر الذي حدّده البنك العالمي، يشكل عدد المتخلصين من الفقر في الصين أكثر من 70 بالمئة من المتخلصين في العالم كله، كما حققت الصين هدف مكافحة الفقر الوارد في «أجندة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة لعام 2030» قبل الموعد المحدد بـ10 سنوات. ستساعد التجارب والنظريات الصينية في مكافحة الفقر جهود العالم في هذا المجال، في عام 2018، أدرجت الجمعية العامة للأمم المتحدة «المكافحة الدقيقة للفقر» و«التعاون والكسب المشترك» وغيرها من المفاهيم الصينية في قرارها حول القضاء على الفقر في الأرياف. أشار الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى أن المكافحة الدقيقة للفقر تمثل الطريق الوحيد لمساعدة أفقر ناس وتحقيق الأهداف الطموحة التي حددتها أجندة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة عام 2030. ستلتزم الصين بمفهوم مجتمع المستقبل المشترك للبشرية، وتقف دائماً مع الدول النامية الفقيرة وتجري التعاون في مكافحة الفقر وتفي بالمسؤولية الدولية، وتدعم وتساعد الدول النامية الفقيرة، وخاصة الدول الأكثر فقراً على مكافحة الفقر، بما يساهم في دفع عملية مكافحة الفقر في العالم بقوة.
رغم أن حلم القضاء على الفقر تحقق أخيراً، غير أنه ليس نقطة النهاية أبداً، بل مجرد نقطة البداية للشعب الصيني في مسيرته الجديدة العظيمة. ستعمل الصين على الحفاظ على نتائج مكافحة الفقر وإنعاش الأرياف في آنٍ واحد، واتخاذ سياسات وخطوات هادفة لجعل أساس مكافحة الفقر أكثر متانة، وجعل نتائجها أكثر ديمومة، والدفاع عن الخط الأحمر المتمثل في عودة الفقر بنطاق واسع. في الوقت نفسه، ستأخذ الصين في الاعتبار الأوضاع والتطلبات الجديدة الناتجة عن تكريس المرحلة الجديدة والمفهوم الجديد والمعادلة الجديدة للتنمية وتعمل على إنعاش الأرياف بشكل شامل، واستكمال إستراتيجية التحضر الجديد، ودفع الرخاء المشترك للجميع لتحقيق مزيد من التقدم الفعلي، وتحقيق انتصارات جديدة في بناء دولة اشتراكية حديثة، والتقدم بشجاعة إلى الهدف المئوي الثاني باستمرار.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock