مقالات وآراء

الأردن ومخاطر العدوان على حدود سورية الجنوبية

بدأت تزداد الأنباء التي تتحدث عن خطة إسرائيلية أميركية بريطانية يراد للملكة الأردنية الانخراط فيها، تستهدف مناطق سورية متاخمة لحدود المملكة وحدود الجولان، لعزلها عن السلطات السورية الشرعية وجيشها، وتحويلها إلى منطقة للمسلحين بدعم عسكري مباشر من هذه الأطراف الأربعة.

وهذا المخطط كان قد تحدث عنه المسؤول الإسرائيلي نير بومس قبل ستة أشهر في دراسة نشرها مركز دايان للدراسات الإسرائيلية، لإنشاء ما يشبه الجيب العسكري الذي أنشأته إسرائيل لجيش لحد المنشق في جنوب لبنان.

وكان الباحث في مركز جيروزاليم الإسرائيلي للعلاقات العامة بينحاس عينباري قد نشر في 25 نيسان الماضي ورقة سياسية تحمل هذه الفكرة قال فيها: إن منطقة تعزل دمشق عن جنوب سورية ستشكل خدمة للمصالح الإسرائيلية، لأن إسرائيل هي التي تقوم بتقديم العلاج الطبي داخل أراضيها للمسلحين هناك، وستجد إسرائيل قطعاً مصلحة كبيرة، في حالِ تأسيس كيان في تلك المنطقة عند حدود الجولان.

لكن السؤال المهم هنا هو هل سيجرؤ أصحاب هذا المخطط العدواني، على العمل على تنفيذه وتوظيف دور عسكري للأردن فيه؟
يرى بعض المحللين في إسرائيل أن المملكة الأردنية ستتحمل أكبر المخاطرات إذا ما تعاونت علنا ومباشرة في تنفيذ خطة كهذه، لأن وضعها الداخلي والديموغرافي المعروف، سيهتز كثيراً، ولن تخدم مشاركتها فيه سوى أنصار أحزاب إسرائيل الكبرى ومنهم معظم وزراء الليكود، إضافة إلى حزب «البيت اليهودي» وزعيميه نفتالي بينيت وأوري أريئيل، وحزب «إسرائيل بيتنا» وزعيمه وزير الحرب أفيغدور ليبرمان، فأوري أريئيل ما زال يحتفظ في مكتبه، كوزير للزراعة في حكومة بنيامين نتنياهو، بصورة خريطة إسرائيل الكبرى التي تظهر فيها معظم أراضي المملكة شرقي الأردن، فهؤلاء الصهيونيون ما زالوا يرفضون تقسيم الانتداب البريطاني لفلسطين عام 1920 بين أراض في شرقي نهر الأردن منحوا إدارتها للأمير عبد اللـه بن الشريف حسين، وبين أراض غربه منحوها للحركة الصهيونية، لأن فلسطين كانت تضم الضفتين الشرقية والغربية حتى البحر المتوسط يوم صدر وعد بلفور عام 1917.

وكان أرييه إيلداد، من حزب الاتحاد القومي الإسرائيلي، يطالب دوما باستعادة شرقي الأردن وضمه إلى إسرائيل، في حين كان أنصار الأحزاب الأخرى يريدون تحويل أراضي شرقي الأردن إلى دولة فلسطينية تؤسسها إسرائيل للفلسطينيين الذين ستنقلهم إليها من كل مكان.

فالمملكة ستصبح إذا انخرطت في هذا المخطط في حالة حرب مع دولة شقيقة وستجد نفسها بين نار رغبة بعض الأحزاب الإسرائيلية بإنشاء الدولة الفلسطينية في شرقي الأردن، وبين رغبة أحزاب أخرى تريد ضم هذه الأراضي لإسرائيل وكلتا الرغبتين تلحق الخطر بمستقبل المملكة.

أما سورية فلن تقف قيادتها وجيشها وشعبها وحلفاؤها مكتوفة الأيدي أمام عدوان إسرائيلي أميركي بريطاني يستخدم المملكة لشن عدوانه عليها.

ولذلك يقدر محللون أميركيون وإسرائيليون ألا تتجاوز هذه التهديدات حدود المناورة العسكرية التي تجريها الدول الثلاث بريطانيا وأميركا والمملكة للأسباب التالية:
أولاً: لا يمكن للجمهور السوري في جنوب سورية إلا أن يحارب هذا العدوان وخصوصاً أنه شديد العداء لإسرائيل، صاحبة اليد الطولى في هذا العدوان، وسيجد جمهور الجنوب السوري أن كل الشعب يقف إلى جانبه في صد العدوان وأدواته المحلية ومشغليه.
ثانياً: إن الجمهور في الأردن من أردنيين وفلسطينيين لا يمكن أن يتجاوبوا مطلقا مع هذا الدور الذي يراد لدولتهم وجيشهم الانخراط فيه.
ثالثاً: إن عدوانا كهذا سيؤدي إلى توسيع دائرة الحرب في بقية حدود الأردن مع العراق، لأن الجمهور العراقي والجيش الذي يقاتل الإرهاب في العراق ويرفض انفصال إقليم كردستان العراق، سيجد نفسه مجبرا على إحباط هذه السابقة ضد سورية في الجنوب السوري.
رابعاً: ستنتقل الحرب على سورية إلى مرحلة تجد فيها القوى الإقليمية المتحالفة معها، ضرورة ملحة للدفاع عن أراضي سورية بشكل مكثف وأوسع مما سبق وبشكل علني أكثر، لأن إحباط هذا المخطط سيعد أهم الحلقات المركزية لحماية الوضع الإقليمي الراهن وتحولاته المقبلة لمصلحة أطراف التحالف مع سورية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock