الإرهاب في تدمر.. محاولات يائسة لضرب سوريا الجديدة

في لحظة دقيقة من مسار التعافي الوطني، جاء العمل الإرهابي الذي استهدف دورة أمنية مشتركة سورية–أميركية في مدينة تدمر ليشكل أكثر من مجرد حادث أمني معزول، بل رسالة واضحة من قوى متضررة من ولادة سوريا الجديدة، تسعى بكل ما أوتيت من عنف إلى إعادة إنتاج الفوضى، وتقويض مشروع الدولة القائم على وحدة الأرض وإعادة الإعمار وبناء مستقبل جامع لكل السوريين.
اللافت في هجوم تدمر ليس فقط مكانه ورمزيته التاريخية، بل توقيته وسياقه، فالمدينة التي كانت شاهدة على أبشع جرائم تنظيم “داعش” تعود اليوم إلى واجهة الاستهداف الإرهابي، في محاولة لربط الحاضر بالماضي الدموي، وكأن الرسالة تقول إن الإرهاب، مهما تبدلت أشكاله، ما زال يجد من يرعاه ويغذيه. هذا الهجوم لا يمكن فصله عن سلسلة أعمال تخريبية متزامنة تشهدها مناطق أخرى، من تحركات الميليشيات الانفصالية في السويداء بقيادة حكمت الهجري، إلى نشاط خلايا داعش في البادية والجزيرة السورية، مروراً بممارسات “قسد” في الشمال الشرقي، وصولاً إلى محاولات فلول النظام البائد إثارة القلاقل في الساحل السوري.
وإذا كان الميدان يقدم دلائله الدموية، فإن البيانات الصادرة عن شخصيات وتنظيمات معروفة بعدائها لمشروع الدولة السورية الجديدة جاءت لتكمل الصورة، فخروج مواقف تحريضية من حكمت الهجري، ومن غزال غزال، ومن “قسد”، تتقاطع في مضمونها مع تبرير الإرهاب أو تشجيعه، يكشف عن شبكة مصالح واحدة، رغم اختلاف العناوين والشعارات.
الهدف واحد: تمزيق سوريا، ضرب وحدتها، وإفشال أي مسار وطني يحظى بشرعية داخلية ودعم دولي.
إن مشروع سوريا الجديدة، القائم على وحدة التراب السوري، وبناء دولة المؤسسات، وإطلاق ورشة إعادة إعمار شاملة، لم يعد مشروعاً نظرياً، لقد حظي بدعم أممي ودولي واضح، والأهم أنه نال تفويضه الحقيقي من الشارع السوري.
فالطوفان البشري الذي خرج في الثامن من كانون الأول في ذكرى التحرير، لم يكن مجرد احتفال رمزي، بل استفتاء شعبي صريح على خيار الدولة الواحدة، ورفض قاطع لكل مشاريع التقسيم والفوضى.
من هنا، فإن مواجهة الإرهاب اليوم لم تعد مسؤولية أمنية فقط، بل معركة وعي وطني، فكل رصاصة تُطلق في تدمر أو السويداء أو الجزيرة أو الساحل، هي رصاصة في صدر حلم السوريين بدولة آمنة مستقرة، غير أن الوقائع تؤكد أن هذا الحلم بات أقوى من أن يُغتال، وأن سوريا التي خرج شعبها بالملايين لن تعود رهينة بيانات الموتورين ولا أدوات الخارج، بل ماضية رغم الجراح، نحو مستقبلها الواحد.
الوطن