الاقتصاد السوري بعد عام من التحرير… من اشتراكي إلى حر .. الإصلاحات بدأت لكن المشوار في بدايته

بعد عام من التحرير، تدخل سوريا مرحلة اقتصادية واعدة تهدف إلى تحسين البنية التحتية وزيادة الثقة بالسوق المحلية. وتظهر اليوم فرص حقيقية للنمو عبر تحسين الكهرباء لدعم الصناعة والزراعة، وتعزيز الشمول المالي الرقمي، وعودة الكفاءات السورية التي تحمل معها خبرات جديدة.
الدكتور عبد الرحمن محمد أستاذ التمويل والمصارف في كلية الاقتصاد في جامعة حماة
قال: بعد عام من تحرير سوريا وسقوط نظام بشار الأسد، يواجه الاقتصاد السوري تحديات كبيرة ولكنه أيضا يحمل آمالاً جديدة، فالتحولات السياسية والاجتماعية التي شهدتها البلاد قد تفتح آفاقاً جديدة للنمو والتنمية.
ويعرض استاذ الاقتصاد الاقتصادي أبرز إنجازات الاقتصاد السوري بعد التحرير وهي استعادة بعض الاستقرار في الأسواق المحلية، ما ساهم في زيادة النشاط التجاري. كما تم البدء بإعادة تأهيل بعض البنى التحتية الأساسية، مثل الطرق والمرافق العامة، ما ساعد في تحسين حركة التجارة. كما شهدت بعض القطاعات مثل الزراعة والصناعة تحسناً ملحوظاً بفضل الدعم المحلي والمبادرات الجديدة.
ولفت محمد إلى أن تحسين إمدادات الكهرباء سيكون له تأثيرات إيجابية كبيرة في القطاعين الصناعي والزراعي، مضيفاً: ففي القطاع الصناعي، ستؤدي الكهرباء المستقرة إلى زيادة الإنتاجية وتقليل تكاليف التشغيل، ما يعزز القدرة التنافسية للمنتجات السورية. أما في القطاع الزراعي، فإن تحسين إمدادات الكهرباء سيمكن من استخدام تقنيات الري الحديثة، ما يزيد من الإنتاجية الزراعية.مضيفاً: وبالتالي يمكن أن تسهم هذه الخطوة في تحفيز القطاعات الإنتاجية وزيادة الناتج المحلي الإجمالي.
ويرى استاذ المصارف أنه يمكن للمصرف المركزي ضمان استقرار العملة الجديدة من خلال عدة إجراءات، منها تعزيز الاحتياطيات النقدية من العملات الأجنبية، وتطبيق سياسات نقدية صارمة للحد من التضخم. كما يجب أن يتعاون المصرف مع الجهات الدولية لضمان الدعم الفني والمالي. وإضافة إلى ذلك، يجب أن تتم مراقبة السوق المحلية بشكل دوري للتعامل مع أي تقلبات قد تؤثر في استقرار العملة.
ونوه محمد بإمكانية أن تسهم “فيزا” و”ماستركارد” في تعزيز الشمول المالي من خلال توفير حلول دفع إلكترونية سهلة وآمنة، ما يسهل على الأفراد والشركات الوصول إلى الخدمات المالية.
كما يمكن أن تقدم هذه الشركات الدعم الفني والتدريب للبنوك المحلية لتحسين بنيتها التحتية التقنية. لمواكبة التحول الرقمي، يجب على الحكومة والبنوك المحلية الاستثمار في التكنولوجيا وتطوير منصات الدفع الإلكتروني.
وعن العودة الكبيرة للاجئين السورين يرى أنه يمكن أن يكون لها تأثير إيجابي في الناتج المحلي الإجمالي، حيث ستزيد من القوة العاملة وتساهم في إعادة بناء الاقتصاد. ومع ذلك، يجب أن يتم توفير فرص العمل والخدمات الأساسية لهؤلاء العائدين لضمان عدم تفاقم الأوضاع الاقتصادية.
وأضاف: إذا تم التعامل مع هذه الزيادة بشكل صحيح، يمكن أن تسهم في تعويض بعض العوامل السلبية التي أثرت في الاقتصاد السوري.
إما عن الاجراءات المطلوبة لمكافحة التضخم، فقد قال: يجب على مصرف سوريا المركزي اتخاذ خطوات مثل رفع أسعار الفائدة للحد من السيولة في السوق، وتعزيز الشفافية في السياسات النقدية. يجب أن يتم التنسيق مع صندوق النقد الدولي لتطبيق برامج إصلاح اقتصادي فعالة، ما يساعد في استعادة الثقة في الاقتصاد السوري ويعزز من استقرار الأسعار.
وختم محمد بالقول: يمثل الاقتصاد السوري بعد عام من التحرير مرحلة جديدة مملوءة بالتحديات والفرص.
إن تحقيق الاستقرار الاقتصادي يتطلب جهوداً متكاملة من جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك الحكومة والمصرف المركزي والقطاع الخاص، من خلال تحسين البنية التحتية، وتعزيز الشمول المالي، واستعادة الثقة في العملة، يمكن لسوريا أن تعيد بناء اقتصادها وتحقق التنمية المستدامة.
إن التعاون مع المؤسسات الدولية سيكون له دور حاسم في تحقيق هذه الأهداف، ما يضمن مستقبلاً أفضل للشعب السوري.
محمد راكان مصطفى