مقالات وآراء

الانكشارية العرب

لتقل لنا، تلك الدمية الخشبية، ما الفارق بين انكشارية الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وانكشارية الرئيس الأميركي دونالد ترامب؟
في كل حال: هذه حال الانكشارية العرب.
لعله يظن، الآتي للتو من سوق النخاسة، الذاهب للتو إلى سوق النخاسة، أنه هو من يقود نائب وزير الخارجية الأميركي جويل رابيون، والسفير وليم روباك، إلى دير الزور.
هذا أحد قهرمانات البلاط. البلاط الذي يدفع، ومهمته التاريخية أن يدفع، لقتل العرب، من جبال صعدة وإلى ضفاف الفرات. الأشقاء السعوديون هم من يغطون نفقات الوجود الأميركي على الأرض السورية، ولو وجد الإسرائيليون، وهذا كان رهانهم الكبير، لما ترددوا لحظة في تغطية نفقات هذا الوجود.
أخيراً، تكتشف أنهم انكشارية بنيامين نتنياهو مهما علا الشأن، ومهما علت المراتب، العبيد هم العبيد، كما لو أن العباءات القشيبة يمكن أن تحل محل ورقة التوت.
أكثر من مرة قلنا، ونقولها الآن، العراة حتى العظم، الذين يجري العار، لا الدم في عروقهم المصنعة في جنرال الكتريك أو في جنرال موتورز، إن لم يكن في مواخير لاس فيغاس أو في مواخير البيفرلي هيلز.
هكذا دورهم، منذ البداية وحتى النهاية، هكذا نطق دونالد ترامب «لولانا لما بقيتم مكانكم ولو لدقائق». الآن، الذئاب العرجاء، الأحصنة العرجاء، لصفقة القرن، وقد خطط لها من خطط لتشق طريقها فوق جثث الأجيال العربية، والأطلال العربية، والأزمنة العربية، أن نكون الخدم لكهنة الهيكل.
هو ثامر السبهان الذي حاول أن يلعب دور المفوض السامي حين كان سفيراً في بغداد. علناً حاول إضرام الحرائق بين المكونات العراقية، من دون أن ندري ما الذي يجنيه، هو والذين فوقه، من تفكيك العراق، وتقويض العراق، ليتحول إلى شظايا ضائعة بين جاذبية الدم وجاذبية الجمر.
السفير الذي طرد من بغداد رقّي إلى رتبة وزير دولة لشؤون الخليج. خطط أو أوحى باحتلال الدوحة، ووضع اليد على حقول الغاز، ما كانت النتيجة ـ الفضيحة؟
أكثر غباء بكثير، لو كشفت تفاصيل السيناريو الذي أعده السبهان في لبنان، بالتواطؤ مع أطراف داخلية، لاقشعرت الأبدان. تفجير الداخل اللبناني، على أن يتم تسليم الأشلاء إلى بنيامين نتنياهو، وأفيغدور ليبرمان، من دون أن يستشعر الوزير الغبي أن من راهن عليهم في التنفيذ ليسوا ذئاباً من ورق، وإنما ثعالب من ورق، انكشارية بالألقاب الفاخرة، وبربطات العنق الفاخرة.
الفشل تلو الفشل، الغريب أنه استبقي مكانه وزير دولة لشؤون الخليج، ولم نكن لندري ما العلاقة الجغرافية بين لبنان والخليج. الآن، الوزير نفسه الذي كان يفترض أن يقطع رأسه، وفقاً للأدبيات الملكية، يحط رحاله في دير الزور، واعداً بـ«الأكثر»، بعدما شوهد متسللاً في الرقة أيضاً.
تحدثنا كثيراً عن الغربان بالياقات البيضاء. حالياً، الغربان بالعباءات البيضاء، كما لو أن «داعش» ليس نتاج تلك الإيديولوجيا الآتية من ليل الأزمنة، مثلما هو نتاج ذلك المال التائه، ولطالما تم تخصيصه لبناء العار لا لبناء الحياة. أي مستقبل للذئاب العرجاء، ولو بالألقاب الملكية؟
لماذا، يا ثامر السبهان، أنت في دير الزور؟ من أجل من أنت هناك؟ المرتزق في خدمة المرتزقة. العبد في حضرة البلاط الأعظم.
كما هرب من بيروت تحت جنح الظلام، لا بد أن يهرب من دير الزور تحت جنح الظلام. صفقة القرن لن تمر من الخاصرة السورية، ولا من الخاصرة اللبنانية.
هذا هو دورهم منذ نحو قرن، انكشارية واشنطن، وانكشارية «أورشليم». لا مجال للرهان على ذلك الضمير الصدئ، الضمير العفن، أن يصحو يوماً. قريباً… صحوة الموت!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock