اقتصادالعناوين الرئيسية

الذهب والعقار… بين الملاذ الآمن والاستثمار طويل الأجل

يُعدّ الذهب من أبرز الأصول التي يلجأ إليها الأفراد والمستثمرون في أوقات الأزمات الاقتصادية وعدم الاستقرار السياسي، حيث يُنظر إليه كملاذ آمن يحافظ على القيمة الشرائية للمدخرات.

وفي سوريا، ومع وصول سعر الأونصة إلى 4300 دولار، يشهد سوق الذهب ارتفاعاً ملحوظاً يعكس تأثيرات اقتصادية محلية وعالمية. ومع استمرار الظروف الاقتصادية الصعبة، يبرز تساؤل حول مدى استدامة هذا الارتفاع، وما إذا كان الذهب قد أصبح الخيار الأفضل للمستثمر السوري مقارنة بالعقارات، التي طالما كانت الوجهة التقليدية للاستثمار طويل الأجل.

 

يرى الدكتور عبدالرحمن محمد، أستاذ التمويل والمصارف في كلية الاقتصاد بجامعة حماة، أن ارتفاع أسعار الذهب في سوريا يعكس مزيجاً من العوامل الخارجية والمحلية.

وعلى الصعيد العالمي، تأثر الذهب بارتفاع الطلب عليه كملاذ آمن نتيجة التوترات الجيوسياسية والتضخم العالمي وضعف الدولار الأمريكي.

أما محلياً، فإن السياسة النقدية السورية، التي تتسم بضعف العملة المحلية (الليرة السورية) وارتفاع سعر الصرف، تلعب دوراً كبيراً في تضخيم أسعار الذهب.

بالإضافة إلى ذلك، فإن ضعف القوة الشرائية وزيادة الطلب على الذهب كوسيلة لحفظ القيمة في ظل تدهور الاقتصاد المحلي يعزز من هذا الارتفاع.

 

ويؤكد محمد أن الذهب يُعدّ اليوم استثماراً أكثر مرونة وسهولة للمواطن السوري مقارنة بالعقارات. فالدخول إلى سوق الذهب يتطلب رأس مال أقل بكثير من العقارات، ما يجعله خياراً متاحاً للمدخرات الصغيرة والمتوسطة.

كما أن الذهب يتميز بسيولته العالية، حيث يمكن بيعه بسهولة في أي وقت، على عكس العقارات التي تتطلب وقتاً أطول لإتمام عمليات البيع والشراء.

ومع ذلك، فإن تذبذب أسعار الذهب قد يشكل مخاطرة، لكنه يظل أقل تعقيداً من التحديات التي تواجه السوق العقارية، مثل ارتفاع التكاليف وصعوبة التمويل.

 

ويرى محمد أنه يمكن القول إن الذهب تفوق على العقار كملاذ آمن للمدخرات الصغيرة والمتوسطة، نظراً لسهولة تداوله وانخفاض حاجز الدخول إليه مقارنة بالعقارات.

ومع ذلك، فإن الاستثمار العقاري لا يزال يحتفظ بجاذبيته على المدى الطويل، وخاصةً أنه يُعدّ من الأصول التي تزداد قيمتها مع مرور الوقت، ويُوفر دخلاً ثابتاً من خلال الإيجارات.

لذا، فإن الخيار بين الذهب والعقار يعتمد على حجم رأس المال وأهداف المستثمر، حيث يُفضل الذهب للمدخرات قصيرة الأجل والعقار للاستثمارات طويلة الأجل.

 

ويشير إلى أن المخاطر الرئيسة للاستثمار في الذهب تشمل تقلبات الأسعار العالمية التي قد تؤدي إلى خسائر في حال انخفاض الأسعار بشكل مفاجئ.

كما أن سياسات التسعير المحلية في سوريا، التي تتأثر بسعر الصرف والضرائب المفروضة على الذهب، قد تزيد من تكلفة الاستثمار.

ولتقليل هذه المخاطر، ينصح أستاذ الاقتصاد المستثمر الفرد بشراء الذهب من مصادر موثوقة، ومتابعة حركة الأسعار العالمية والمحلية باستمرار، وتجنب الشراء في أوقات الذروة السعرية.

كما يُفضل تنويع المحفظة الاستثمارية وعدم الاعتماد على الذهب فقط.

ويؤكد محمد أنه من المتوقع أن يشهد سلوك المستثمرين السوريين تحولاً نحو الذهب على حساب العقار، وخاصةً في ظل الظروف الاقتصادية الحالية التي تجعل الاستثمار في العقارات أكثر صعوبة.

ومع ذلك، فإن السوقين سيبقيان متكاملين على المدى الطويل، حيث يُفضل المستثمرون تنويع أصولهم بين الذهب والعقار لتحقيق التوازن بين السيولة والأمان والاستقرار.

فالذهب يُعدّ خياراً مثالياً للمدخرات قصيرة الأجل، بينما يُفضل العقار للاستثمارات طويلة الأجل.

 

كرأي أكاديمي اقتصادي، يرى الدكتور محمد أنه في ظل التحديات الاقتصادية الراهنة، يبرز الذهب كخيار استثماري مرن وآمن للمواطن السوري، خاصةً مع ارتفاع أسعاره عالمياً ومحلياً.

ومع ذلك، فإن الاستثمار في الذهب لا يخلو من المخاطر، مما يتطلب من المستثمرين دراسة السوق بعناية واتخاذ قرارات مدروسة.

وعلى الرغم من التحول الملحوظ نحو الذهب، يظل العقار خياراً استراتيجياً على المدى الطويل، ما يعزز أهمية تنويع الأصول لتحقيق الاستقرار المالي.

محمد راكان مصطفى _ الوطن

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock