الرئيس الشرع: التحول النقدي طي لمرحلة سابقة وفتح أفق وطني جديد

أكد الرئيس أحمد الشرع، أن العملة السورية الجديدة تمثل عنواناً لإقفال مرحلة سابقة غير مأسوف عليها، وفتح باب لمرحلة وطنية جديدة يتطلع إليها السوريون، مشدداً على أن عملية التحول النقدي تُدار بهدوء ومسؤولية بما يحفظ الاستقرار النقدي ويعزز الثقة بالاقتصاد الوطني.
وأوضح الرئيس خلال جلسة حوارية ضمن حفل الإطلاق، أن استبدال العملة خضع لنقاشات معمقة ودراسة تجارب دولية متعددة، مشيراً إلى أن نزع الأصفار يُعد إجراءً دقيقاً في بنية النظام النقدي، يتطلب إدارة حذرة وتدرجاً مدروساً.
وبيّن الرئيس الشرع أن نزع صفرين من العملة لا يعني تحسناً فورياً في سعر الصرف أو الواقع الاقتصادي، وإنما يهدف إلى تسهيل التعاملات اليومية للمواطنين، في ظل صعوبات حقيقية رافقت التداول النقدي نتيجة تدني قيمة الفئات السابقة.
وأكد أن تحسين الاقتصاد يرتبط بزيادة الإنتاج وخفض البطالة، وأن تطوير القطاع المصرفي شرط أساسي لتحقيق النمو، لكونه شريان الاقتصاد، مشدداً على ضرورة ضبط آليات الطرح والسحب والتداول النقدي.
وأشار الرئيس إلى حساسية مرحلة التحول النقدي، داعياً إلى منع أي حالة فزع قد تؤثر سلباً على سعر الصرف، ومؤكداً أن مصرف سورية المركزي سيعلن جدولاً زمنياً واضحاً للاستبدال، مع فترة تعايش بين العملة القديمة والجديدة، مطالباً المواطنين بعدم الانجرار وراء الشائعات.
وشدد الرئيس الشرع على أن الثقة تشكل الركيزة الأساسية لأي اقتصاد، لافتاً إلى أن ما تحقق خلال العام الماضي أسهم في استعادة شعور الانتماء لدى المواطن، وأن حمل العملة الوطنية الجديدة يعزز هذا الشعور ويقوي الثقة بالتداول النقدي.
وأوضح أن الاقتصاد السوري تعرض لأضرار جسيمة خلال العقود الماضية، ولاسيما في السنوات الأربع عشرة الأخيرة، بفعل العقوبات وانهيار القطاع المصرفي، ما أدى إلى تراجع الإيداع المصرفي وانتشار الاكتناز النقدي.
ولفت الرئيس إلى أن العملة الجديدة ابتعدت عن نمطية تقديس الأشخاص، وركزت على رموز طبيعية واقتصادية تعبّر عن الجغرافيا السورية، كالقمح والزيتون والقطن والحمضيات والورد الجوري، إضافة إلى الطيور والزخارف المستوحاة من الفن الإسلامي الدمشقي.
وأكد أن العملة ليست مجرد وسيلة دفع، بل عنوان لاقتصاد جديد، محذراً من المضاربات الوهمية، ومشدداً على إدارة السيولة بشكل تدريجي ونشر الثقافة الاقتصادية الداعمة للتحول النقدي.
وختم الرئيس الشرع بالتأكيد أن سورية مقبلة على مرحلة واعدة، مستفيدة من موقعها الجغرافي وأهميتها الجيوسياسية، مع تنامي الاهتمام الإقليمي والدولي، معرباً عن أمله بانعكاس ذلك على الإنتاج والاستثمار، ومشدداً على أن مصرف سورية المركزي هو المصدر الرسمي للمعلومات المتعلقة بالعملة.
حصرية: خطوة سيادية لترسيخ الاستقرار النقدي
من جهته، أكد حاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر حصرية أن إطلاق واستبدال العملة السورية يشكل محطة وطنية مفصلية بعد تحرير سورية من النظام البائد، وخطوة سيادية تهدف إلى تعزيز الاستقرار النقدي واستعادة الثقة بالليرة والقطاع المصرفي.
وأوضح أن استبدال العملة عملية تقنية بحتة تعتمد على حذف صفرين من القيمة الاسمية دون أي تغيير في القيمة الحقيقية أو تأثير مباشر على سعر الصرف، ولا تحمل أي أثر تضخمي، مشيراً إلى أن الهدف هو تبسيط المعاملات وتسهيل حياة المواطنين، والقطيعة مع رموز الماضي.
وبيّن حصرية أن من أبرز أهداف التغيير ضبط الكتلة النقدية ومعرفة حجمها الحقيقي، لافتاً إلى أن سوريا عانت لعقود من تضخم الكتلة النقدية دون بيانات دقيقة، ما أسهم في أزمات السيولة والتضخم.
وأكد أن قرار تغيير العملة سيادي، واستند إلى معايير واضحة، أبرزها تحسن الليرة السورية بنحو 30 بالمئة خلال العام الجاري، واستقرار سعر الصرف، إلى جانب جاهزية القطاع المصرفي والتشريعات اللازمة.
واستعرض حاكم المصرف الاستراتيجية النقدية القائمة على خمسة محاور تشمل الاستقرار النقدي والأسعار، وسعر صرف متوازن وشفاف، ونظام مصرفي سليم، ونظام مدفوعات رقمي وآمن، إضافة إلى التكامل مع النظام المالي العالمي.
وأشار إلى أن المرحلة المقبلة ستركز على إدارة الكتلة النقدية بما يخدم أهداف التنمية وجذب الاستثمار الخارجي، مؤكداً أن المرحلة الثانية بعد الاستبدال ستكون استعادة الثقة بالقطاع المصرفي.
وأوضح حصرية أن فترة الاستبدال تمتد 90 يوماً قابلة للتمديد، تليها مرحلة السحب عبر مصرف سورية المركزي، مع إلزامية التسعير بالعملتين في الأسواق ومكاتب الصرافة.
ودعا المواطنين إلى الاطمئنان وعدم القلق على مدخراتهم أو قوتهم الشرائية، مؤكداً عدم وجود أي مخاطر تضخمية، كما دعا التجار ومكاتب الصرافة إلى الالتزام بالقوانين ومنع المضاربة.
الشماع: استراتيجية التبديل وُضعت وفق معايير عالمية
بدوره، أوضح المستشار عبد الله الشماع أن فريقاً من الخبراء السوريين تعاون مع مصرف سوريا المركزي لوضع استراتيجية استبدال العملة وفق أسس علمية ومعايير عالمية، تستند إلى خمس ركائز تشمل الاستقرار السعري، وسوق صرف متوازن، وقطاع مصرفي سليم، ومدفوعات رقمية آمنة، والتكامل المالي الدولي.
وأكد أن إصدار العملة الجديدة جاء ثمرة عمل مؤسسي دقيق، يمثل بداية جديدة لمسار التعافي الاقتصادي، مع الالتزام بمعايير الشفافية واستقلالية المصرف المركزي لحماية الاقتصاد الوطني.
وأطلق الرئيس أحمد الشرع وحاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر حصرية، العملة السورية الجديدة، مساء اليوم، خلال حفل رسمي أقيم في قصر المؤتمرات بدمشق، بمشاركة واسعة من وفود رسمية وشعبية.
وضمت العملة الجديدة ست فئات نقدية، جسدت رموزاً من الطبيعة والهوية السورية، حيث حملت فئة 10 ليرات فراشة مع وردة شامية، وفئة 25 ليرة صورة التوت الشامي مع طائر السنونو، بينما عكست فئة 50 ليرة صورة الحمضيات، وتحمل فئة 100 ليرة وردة القطن وغزال الريم، في حين جسدت فئة 200 ليرة بركة الزيتون وأصالة الحصان العربي، وحلق عصفور الدوري حاملاً سنابل القمح على فئة 500 ليرة.