الرئيس الشرع في البيت الأبيض.. تحول استراتيجي بالعلاقات السورية- الأميركية

في لقاء يمكن وصفه بالتاريخي، هو الأول من نوعه بين رئيس سوري ورئيس أميركي، في البيت الأبيض، يجتمع الرئيسان أحمد الشرع ودونالد ترامب، اليوم الاثنين، في خطوة تفتح صفحة جديدة في تاريخ العلاقات السورية-الأميركية.
اللقاء يحمل في طياته تطورات سياسية مهمة قد تسهم في استعادة سوريا دورها المحوري على الساحة الدولية بعد سنوات من العزلة والعقوبات.
تجديد أفق العلاقات
لطالما كانت العلاقات بين سوريا والولايات المتحدة معقدة، فقد خيمت عليها سنوات من القطيعة والتوترات التي تراوحت بين التصعيد العسكري والعقوبات الاقتصادية، إلا أن اللقاء المرتقب بين الرئيسين الشرع وترامب قد يكون بداية لتحول جوهري في هذه العلاقات، إذ يأتي في وقت حساس ويُعبّر عن رغبة متبادلة في تجاوز المرحلة الماضية، والتطلع إلى أفق جديد يعزز الأمن والاستقرار في المنطقة.
ومن المتوقع أن تتناول المحادثات الثنائية قضايا أساسية عدة، أبرزها الأمن الإقليمي ومكافحة الإرهاب، وهو ما يمثل، وفق مراقبين، فرصة ذهبية لسوريا لتحسين صورتها الدولية، وبناء علاقات متوازنة مع القوى الكبرى تفتح الباب أمام مزيد من التفاهمات في المستقبل.
تعزيز التعاون ضد الإرهاب
من بين أبرز الملفات المطروحة في هذا اللقاء الاتفاق المرتقب لانضمام سوريا إلى التحالف الدولي لمحاربة تنظيم داعش الإرهابي، خطوة تعد مؤشراً على رغبة دمشق في تعزيز تعاونها مع المجتمع الدولي لمكافحة الإرهاب، بما يمنحها دوراً أكثر فاعلية على الصعيدين الإقليمي والدولي.
كما يُتوقع أن يتناول اللقاء إمكانية التوصل إلى معاهدة عدم اعتداء بين سوريا وإسرائيل، الأمر الذي قد يسهم في الحد من التوترات الحدودية، ويضع آلية لتنظيم العلاقة بين الجانبين بما يحفظ سيادة سوريا على أراضيها، ويساعد في تحقيق استقرار أمني أوسع في المنطقة.
رفع العقوبات: خطوة نحو الانفتاح الدولي
على صعيد المخرجات، فمن النتائج المرجحة لهذا اللقاء استكمال عملية رفع العقوبات المفروضة على سوريا، مع الإشارة هنا إلى أنه جرى في وقت سابق رفع اسم الرئيس الشرع من قائمة العقوبات الدولية بموجب قرار مجلس الأمن رقم 2799، وهو ما يشكل خطوة مهمة نحو عودة سوريا إلى الساحة الدولية.
إن إزالة العقوبات لن تقتصر على تحسين الظروف الاقتصادية، بل ستفتح الباب أمام التعاون مع الدول الغربية، واستقطاب الاستثمارات الأجنبية التي تحتاجها سوريا بشكل عاجل لإعادة الإعمار.
إعادة ربط الجسور بين الجالية ووطنهم
وخلال الزيارة التي بدأها أول من أمس، التقى الرئيس الشرع في واشنطن ممثلي المنظمات السورية الأميركية، ووفداً من أبناء الجالية، في إشارة إلى الأهمية التي توليها القيادة السورية لدور المغتربين السوريين في دعم وطنهم.
هذه اللقاءات لا تقتصر على تعزيز الروابط بين سوريا وأبنائها في الخارج، بل تمثل أيضاً فرصة لبناء شبكة دبلوماسية داعمة على الصعيد الدولي، إذ تحظى الجالية السورية في الولايات المتحدة بتأثير متزايد، وقد يساهم هذا التواصل في تقوية الموقف السوري في المنتديات الدولية.
خطوة استراتيجية نحو المستقبل
ختاماً، فإن اللقاء المرتقب بين الرئيسين الشرع وترامب يعد خطوة استراتيجية من شأنها إعادة سوريا إلى قلب الأحداث الدولية، وفتح أبواب التعاون مع القوى الكبرى في مواجهة التحديات الإقليمية والعالمية.
وفي وقت تتزايد فيه أهمية العمل الدبلوماسي لإعادة بناء سوريا وتأمين استقرارها الداخلي والخارجي، فإن هذا اللقاء قد يمثل بداية مرحلة جديدة لسوريا على الساحة الدولية، مرحلة تسهم فيها القوى الكبرى بشكل أكبر في تحقيق الأمن والسلام في المنطقة.
الوطن