مقالات وآراء

الرئيس «المرتجل» والداخل الأميركي والعالم

ربما يعد أصوب وصف لما يقوم به الرئيس الأميركي دونالد ترامب حتى الآن، هو أن شعاراته في الحملة الانتخابية، ثم فوزه وممارسته لمهامه بشكل يصعب تقديره سلفاً، جعلت أوروبا في حالة تشبه إعادة رسم علاقاتها داخل ساحتها، مثلما جعلت الصين وروسيا يتريثان أكثر فأكثر في تقديراتهما للسياسة النهائية التي سيعتمدها ترامب تجاه العالم والمنطقة.

فترامب كان في السعودية لا يشبه الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما، وكان في إسرائيل مختلفاً عن ضوابط أوباما، وأمام الروس لم يكترث بالاهتمام بأوكرانيا وموضوع شبه جزيرة القرم، وفضل مشاكسة روسيا في سورية.

ومع ذلك ترى الصحفية والكاتبة شارون بيغلي في مجلة «ستاتينور» الأميركية أن لغة المواقف التي يستخدمها ترامب، ليست من قاموس اللغة السياسية الأميركية التي اعتاد على استخدامها الرؤساء الأميركيون، بغضّ النظر عن اختلافهم السياسي، ومع ذلك يشعر ترامب والمستفيدون من أدائه ومواقفه ولغته، أنه يحقق مصالحهم من دون مقابل، رغم أن ترامب يتعرض لعدد من الاتهامات التي أصبحت منهجية تجاه علاقته بموسكو.

يرى عدد من المحللين الأميركيين أن ترامب قد يواجه قريباً سيناريوهات من المتضررين داخل الولايات المتحدة من تفعيله لإنعاش وزيادة إنتاج مصانع السلاح وما ينتظرها من أرباح لم تحلم بها في السنوات العشر الماضية، فهناك من يسعى إلى فرض نوع من الاضطراب في علاقاته مع الأعضاء الجمهوريين في الكونغرس، لتخفيض درجة اعتماده على هذه المؤسسة، وحينئذ سيضطر إلى تكييف لغته السياسية ومواقفه مع النظم التقليدية لتوزيع المصالح على المتضررين من سياسة «الشعبوية» التي تلازمه والتي تجعل جدول عمله مع مؤسسات الإدارة الأميركية منحصراً في موضوعات مثل:

1- اتهام روسيا من خلال «السايبير» بمحاولة اختراق نظم المعلوماتية الأميركية الحساسة.
2- عدم الانتهاء من حل المسائل المختلف عليها مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وعجزه عن منع التقارب العراقي مع القيادة السورية والإيرانية وهو ما يعد تقارباً طبيعياً في قتال عدو مشترك هو داعش والقاعدة.
3- عدم قدرة ترامب على ردع كوريا الديمقراطية وشعور حلفائه اليابانيين والكوريين الجنوبيين بأن واشنطن لا تستطيع القيام بكل شيء في موضوع أسلحة كوريا الديمقراطية النووية.
4- تراجع خطة أوباما لمحاصرة الصين في موضوع بحر الصين وثروات النفط والغاز التي يراد استخدامها لتشكيل حلف معاد للصين من دول جنوبي شرقي آسيا والفيليبين بشكل خاص.

يبدو أن الطريق المسدود أمام ترامب في مواجهة هذه المشكلات والتحديات، سيثير بموجب ما تراه مجلة «إنتي وور» الأميركية الإلكترونية، خلافات داخل القيادة العسكرية من جهة وبينها وبين ترامب نفسه، لأن الخطاب السياسي لترامب لا يجري إعداده والاتفاق عليه مع هذه القيادة، وفي ظل هذا الوضع تؤكد مجلة «نيشنال إنترست» الأميركية المقربة من مصادر القرار الأميركية، أن تنافساً حاداً ومتسارعاً يجري بين موسكو وواشنطن على تحديث تكنولوجيا الصواريخ وسرعتها وقوتها التدميرية بشكل غير مسبوق، وكأن هناك إعداداً مستتراً بين القوى الكبرى لاحتمالات مواجهة تنقل النظام العالمي إلى وضع يفرض فيه المنتصرون شروطه وقواعده.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock