السجون السورية رسالة ماجستير في “السوربون الفرنسية”

نالت الباحثة سارة محمد درجة الماجستير من “جامعة السوربون” الفرنسية إحدى أهم الجامعات العالمية، وذلك عن بحثها المُقدّم اليوم، بعنوان السجون السورية في رواية “يسمعون حسيسها” للكاتب أيمن العتوم و”القوقعة” للكاتب السوري مصطفى خليفة.
الفتاة ذات الـ23 عاماً وقفت مطولاً أمام لجنة التدريس الجامعية، تقدّم إجابات على أسئلة الزمان والمكان والسياسة في الحالة السورية وما شهدته سنوات النظام البائد من اعتقالات طالت رجالاً ونساء سوريّات، وثّقتها العديد من الروايات السورية والعربية والأبحاث الجامعية.
وقالت “المحمد 24 عاماً” لصحيفة “الوطن” : “البحث كان هديتي للسوريين ممن عانوا من نظام التوحش الأسدي، بأننا لم نكن سوى ضحايا نفيه وتهجيره على ضفاف الدول، وبقيت ذكرياتهم ومعاناتهم تعيش في يومياتنا كطلبة سوريين، ولهذا اخترت أن يكون بحثي في روايات السجون والمعتقلات وتعريف العالم بحقنا بالثورة على النظام المتوحش”.
في القاعة الفسيحة، وسط الحي اللاتيني في العاصمة الفرنسية باريس استذكرت “العويد” رحلتها كآلاف الشابات والشباب السوريين في رحلة نفيهم عن وطنهم السوري، والتحديات التي واجهتهم وقرروا التغلب عليها.
“وصلنا فرنسا كلاجئين مع والدي، كنت بعمر الخامسة عشرة ولم أكن أعرف الفرنسية، وكان يتوجب علينا القبول بإعادة سنة دراسية كاملة لنتمكن من اللغة الفرنسية، واخترت بعد الثانوية دراستي الجامعية في مجال الترجمة والأبحاث اللغوية، وصولاً لهذا اليوم”.
في اختيارها لعنوان بحثها تقول “المحمد” عشت لحظات اعتقال أبي في سوريا، ثم أصدقائه، وصولاً لمجزرة صيدا في درعا، وعلقت في ذهني صورة الطفل حمزة الخطيب، مُمثلاً بجثته في سجون الأسد، كنت هناك دوماً، أتابع تهجير الناس واعتقالهم، وانطبعت صور المأساة وعشتها مثلهم” .
وتضيف الباحثة: “خلال دراستي وتحليلي وترجمتي لبعض مقاطع التعذيب، كنتُ أرى أمامي صورة عمي الذي اعتُقل وقُتل في السجن. كانت تلك من أصعب اللحظات في التحليل، فالمشاهد قاسية، والروايتان تصفان التعذيب وكأنك تعيشه. المشاهد الواردة في رواية” يسمعون حسيسها” ليست خيالية كما يدّعي البعض؛ فبعد تحرير السجون في الثامن من ديسمبر/ كانون ثاني، رأينا كيف أن شهادات الدكتور إياد أسعد، بطل الرواية، صادقة بكل تفاصيلها. ورغم مرور عقود على صدورها، إلا أن وحشية النظام لم تتغير، بقيت كما هي، بل من سيىء إلى أسوأ، في كل فصل دراسي في جامعتي كنت أجدها فرصة لتعريف زملائي بالقضية السورية، بمواجهة ماكينات الإعلام التي كانت تلوم على السوريين وثورتهم، آمل أن أكون شاركت أهلي معاناتهم”.
ويركّز بحث “المحمد” في فصوله المتتالية على مقاربات بين رواية” يسمعون حسيسها” للعتوم ورواية القوقعة لمصطفى خليفة وشهادات شخوصها ويومياتهم في سجون وزنازين سجون صيدنايا وتدمر، إضافة إلى شهادات حيّة تمكنت الباحثة من رصدها مع سجينات وسجناء سوريين، موثّقة أنواع الجحيم الذي أذاقه النظام البائد للسوريين على اختلاف مناطقهم وخلفياتهم الدينية والسياسية.
وحول الوجهة المقبلة التي ستختارها الباحثة تختم “المحمد”، القصة ليست شهادة أو لقب علمي، بل قصة إيمان بأن الإرادة قادرة على أن تنتصر، وأن الغربة قد تصنع جروحاً، لكنها أيضاً قد تفتح أبواباً نحو ضوء جديد، كما انتصرت ثورتنا السورية، سأنتصر لتحقيق حلمي بإكمال الدكتوراه وخدمة وطني سوريا.
باريس- محمد العويد