الرياضةالعناوين الرئيسية

السلة السورية في 2025… عام الانكسارات الثقيلة وانتظار فجرٍ جديد

لم يكن عام 2025 عاماً عادياً في ذاكرة كرة السلة السورية، بل شكّل محطة قاسية ومفصلية ازدحمت فيها الخيبات، وتكدست خلالها الأسئلة أكثر من الإجابات، عامٌ لم يحمل الخير الذي انتظره عشاق اللعبة، فجاءت نتائجه أقل بكثير من الطموحات، وتحوّلت المشاركات الخارجية لمعظم منتخباتنا الوطنية إلى سلسلة من الخسارات والتراجعات، باستثناء ومضات خجولة لم تصمد طويلاً أمام واقعٍ مثقل بالصعوبات.

ولم تقف المعاناة عند حدود النتائج والأرقام، بل تجاوزتها إلى مشهد إداري مرتبك، شابته هفوات وأخطاء ساهمت في تعكير أجواء اللعبة، وأثقلت كاهلها في وقت كانت بأمسّ الحاجة فيه إلى الاستقرار والتخطيط والعمل الهادئ، وبين خسارة هنا وتعثر هناك، بدا أن السلة السورية تسير عكس التيار، وتفقد شيئاً فشيئاً بريقها الذي طالما ميّزها على الساحتين العربية والآسيوية.

ورغم قتامة الصورة، لم يخلُ المشهد من بصيص أمل، ففي ختام العام، ومع انتخاب اتحاد جديد غالبيته من فئة الشباب، تنفّس أهل اللعبة الصعداء، وعلّقوا آمالهم على مرحلة جديدة يُراد لها أن تكون نقطة تحوّل حقيقية، تعيد للسلة السورية هويتها، وتضعها على سكة العمل المؤسسي والتخطيط السليم، بعيداً عن الارتجال وردّات الفعل.

فكيف مرّ عام 2025 على كرة السلة السورية؟

وما الذي حمله من إخفاقات ومحطات مضيئة؟

إخفاقات خارجية… وتأهل لم يكتمل

استهل منتخب الرجال مشواره في عام 2025 باستكمال مباريات تصفيات كأس آسيا (النسخة 31)، بعد أن كان قد عانى في مبارياته السابقة أمام لبنان والبحرين، مقابل فوز وحيد على الإمارات، ومع وصوله إلى المباراتين الحاسمتين في شباط، بدا المنتخب أمام خيار واحد لا ثاني له: الفوز أو الخروج.

ونجح منتخبنا في تجاوز الضغط، فحقق انتصارين مهمين في الدوحة على الإمارات والبحرين، وانتزع بطاقة التأهل إلى النهائيات الآسيوية كثاني المجموعة خلف لبنان، غير أن هذا التأهل لم يكن كافياً لتغيير الصورة العامة، إذ سرعان ما اصطدم منتخبنا بواقع الفوارق الكبيرة في النهائيات، وخسر مبارياته الثلاث في دور المجموعات أمام اليابان وغوام وإيران، ليودّع البطولة من الدور الأول دون أن يترك أثراً يُذكر.

تصفيات كأس العالم… بداية صادمة

وفي تصفيات كأس العالم 2027، التي تستضيف قطر نهائياتها، وقع منتخبنا في مجموعة صعبة ضمّت الأردن وإيران والعراق، وجاءت البداية صادمة بخسارتين متتاليتين أمام المنتخب الأردني في عمّان، إحداهما قاسية من حيث الفارق، لتضع المنتخب في موقف معقد قبل استكمال مشواره في عام 2026.

السيدات… مشاركة محدودة وطموح مؤجل

لم يكن حضور منتخب السيدات أفضل حالاً، إذ اقتصرت مشاركته على بطولة غرب آسيا في الأردن، وخسر مباراتيه أمام إيران والأردن، ليحل ثالثاً وأخيراً في بطولة مصغّرة لم تشهد سوى ثلاثة منتخبات، ما أعاد فتح ملف الاهتمام بسلة السيدات وضرورة منحها فرص إعداد حقيقية.

الفئات العمرية… فجوة كبيرة مع القارة

على مستوى القواعد، كشفت مشاركات منتخبات الناشئين والناشئات عن فجوة مقلقة مع منتخبات القارة.

منتخب الناشئات عانى في بطولتي غرب آسيا وآسيا (المستوى A)، وتعرّض لخسارات ثقيلة أمام عمالقة اللعبة، وفشل في الحفاظ على موقعه بين نخبة آسيا.

في المقابل، قدّم منتخب الناشئين دون 16 عاماً صورة أفضل نسبياً في بطولة غرب آسيا، فحقق فوزين على الأردن، لكنه عجز عن مجاراة لبنان وإيران، واكتفى بالمركز الثالث.

بطولة الأندية العربية بدبي

شارك ناديا حمص الفداء والوحدة الدمشقي في بطولة الأندية العربية التي أقيمت بدبي حيث جاء حمص الفداء في المجموعة الأولى إلى جانب أندية النصر الإماراتي، شعب حضر موت اليمني، القادسية الكويتي، فيما وقع الوحدة في المجموعة الرابعة إلى جانب الحكمة اللبناني، البشائر العماني، الريان القطري.

حيث خسر حمص الفداء في مباراته الافتتاحية أمام القادسية الكويتي 77-88، وفاز في اللقاء الثاني على شعب حضر موت اليمني 100-81، وفاز على النصر الإماراتي 83-71، وتأهل للدور الثاني وودع البطولة بعد خسارته أمام الأنطوانية اللبناني بفارق نقطة واحدة 97-98.

فيما الوحدة فاز في اللقاء الافتتاحي على البشائر العماني 79-74، وخسر أمام الريان القطري 69-85، وخسر أمام الحكمة اللبناني 88-102، وتأهل للدور الثاني وودع المنافسات بعد خسارته أمام كاظمة الكويتي 77-80.

اتحاد جديد… رهان المستقبل

وسط هذا المشهد الصعب، جاء انتخاب اتحاد جديد لكرة السلة ليشكّل الحدث الأبرز في نهاية العام. اتحاد شاب، فاز عبر انتخابات وُصفت بالنزيهة والشفافة، برئاسة الكابتن رامي عيسى وعضوية مجموعة من الأسماء الشابة، في خطوة أعادت الأمل بإمكانية تصحيح المسار، وبناء مشروع طويل الأمد يعيد الثقة باللعبة ومنتخباتها.

الوحدة هيمنة محلية وتعثر خارجي وعلى صعيد الأندية، شارك نادي الوحدة في دوري وصل لأندية غرب آسيا، لكنه واجه صعوبات كبيرة، وخسر معظم مبارياته، بينها خسارة قانونية بالتغيب، ليعكس واقع الأندية السورية قارياً.

محلياً واصل الوحدة فرض سطوته، فتوّج بلقب دوري الرجال بعد سلسلة قوية أمام الأهلي، كما أحرز لقب دوري السيدات، مؤكداً تفوقه على الساحة المحلية.

بطولات محلية ومحاولات تنظيم

شهدت البطولات المحلية تتويج الوثبة بلقب دوري الدرجة الثانية للرجال وصعوده إلى دوري الأضواء، بينما خطف السلمية لقب دوري السيدات للدرجة الثانية.

كما أطلقت وزارة الرياضة والشباب بطولة درع الوزارة بنسختها الأولى، في محاولة لإيجاد حراك تنافسي إضافي، ونجح فريق حمص الفداء في التتويج باللقب بعد فوز مثير على الوحدة في النهائي بفارق ثلاث  نقاط 58-55.

 خلاصة عام ثقيل

هكذا طوى عام 2025 صفحته على كرة السلة السورية، وكان عاماً مثقلاً بالإخفاقات، كاشفاً حجم التحديات والفجوة مع المحيطين العربي والآسيوي، لكنه في الوقت ذاته حمل بذرة أمل مع تغيير إداري منتظر، ويبقى الرهان اليوم على أن يكون هذا التغيير بداية فعلية لمرحلة جديدة، تُبنى فيها السلة السورية على أسس صحيحة، وتستعيد من خلالها مكانتها التي طالما استحقتها بين كبار اللعبة في المنطقة.

الوطن

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock