العناوين الرئيسيةسوريةعربي ودولي

السيد عمر لـ “الوطن”: المسار السوري-الروسي لا يتجه نحو تبعية أو تحالف مُطلق بل نحو شراكة مدروسة

أشار الخبير في الاقتصادي السياسي الدكتور يحيى السيد عمر إلى أن العلاقات بين سوريا وروسيا تشهد تحوُّلاً نوعياً في أعقاب الإطاحة بالنظام البائد أواخر العام الماضي، مع تحرُّك الحكومة السورية نحو إعادة ترتيب شراكاتها الدولية بما يضمن مصالحها الوطنية والاستقرار الداخلي.
وقال السيد عمر في تصريح ل “الوطن” إن زيارة الوفد السوري إلى موسكو تُمثِّل خطوة استراتيجية في هذا الإطار؛ إذ تأتي ضمن مسعى دمشق لتحديد أُطُر التعاون مع روسيا وفق منظور جديد قائم على السيادة الوطنية”.
وأوضح أن الزيارة ليست مجرد جولة دبلوماسية روتينية، بل تُشكِّل إشارة واضحة إلى انتقال العلاقات إلى طَوْر مختلف مشيراً إلى أن روسيا التي كانت أبرز داعمي النظام البائد تبدو منفتحة على تعاون مع الحكومة السورية؛ إلا أن دمشق هي مَن يُحدِّد شكل هذه العلاقة وَفْق مسار يقوم على تبادل المصالح، مع الحرص على إدارة هذا التعاون بصورة تُراعي استقلال القرار الوطني.
وتابع السيد عمر :” وفي هذا السياق، لا تُبْنَى العلاقة مع موسكو على حساب أطراف دولية أخرى، بل تأتي ضمن سياسة خارجية تسعى إلى تحقيق توازن مدروس بين الشرق والغرب، بما يمنح سوريا مساحة أوسع للحركة السياسية والدبلوماسية”.
وبين أن العلاقة بين سوريا وروسيا دخلت مرحلة إعادة تعريف، بعدما كانت قائمة على تحالف شخصي-أمني أكثر منها شراكة مؤسساتية مع الدولة السورية، موسكو، التي استثمرت عسكرياً وسياسياً في بقاء النظام البائد، وجدت نفسها أمام واقع جديد يدفعها للانتقال من منطق “حماية الحليف”، إلى “صيانة المصالح”.
وقال :” القواعد العسكرية الروسية في حميميم وطرطوس، لم تَعُد مجرد أدوات نفوذ تقليدية، بل أصبحت جزءاً من معادلة تفاهم جديدة مع دمشق، في ظل شكوك داخلية سورية تجاه الدور الروسي، باعتباره شريكاً في سنوات الحرب والقصف. هذا التحوُّل فرَض على الكرملين خطاباً أكثر براغماتية، يُركّز على الاستقرار ووحدة سوريا، بدل الدفاع عن نظام بعينه”.
وأشار إلى أنه في المقابل، تنظر الحكومة السورية إلى روسيا باعتبارها طرفاً دولياً لا يمكن تجاهله، لكن لا يمكن أيضاً مَنْحها الامتيازات القديمة ذاتها، فالعلاقة مُرشَّحة للتحوُّل من تحالُف غير متكافئ إلى علاقة مصلحة متبادلة مشروطة، كما أن البُعْد العسكري يشكل محوراً رئيسياً في التعاون السوري-الروسي، مع تركيز على تحديث القوات وتبادل الخبرات، بما يُعزّز قدرات الدفاع الوطني، ويضمن توازن القوى واستمرارية الشراكة طويلة الأمد بين الطرفين.
أما على المستوى الاقتصادي، فتَبْرُز فُرَص جديدة للتعاون في مجالات إعادة الإعمار والبنية التحتية والطاقة والخدمات، في ظل محاولات تخفيف بعض القيود الاقتصادية على سوريا، الأمر الذي يمنح العلاقة مع موسكو بُعداً عملياً يتجاوز الحسابات السياسية التقليدية.
وشدد السيد عمر على أن تَوازُن الأبعاد السياسية والعسكرية والاقتصادية يعكس نهجاً واضحاً يهدف إلى تثبيت الاستقرار الداخلي وتمكين دمشق من إدارة علاقاتها الإقليمية والدولية بثقة أكبر، مع الحفاظ على السيادة الوطنية وبناء علاقات متوازنة تدعم مسار التعافي والتنمية.
وختم السيد عمر:” يمكن القول: إن المسار السوري-الروسي اليوم لا يتَّجه نحو تبعية أو تحالُف مُطلَق، بل نحو شراكة مدروسة تحمل فوائد سياسية ودبلوماسية واقتصادية، وتنسجم مع توجُّه الحكومة السورية نحو سياسة خارجية متوازنة بين الشرق والغرب، بما يدعم الاستقرار ويمنح سوريا فرصة لإعادة تنظيم حضورها الإقليمي ودورها الدولي”.

منذر عيد

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock