الشيباني: سوريا بعد التحرير تمثل قصة نجاح صاغها السوريون بأنفسهم

أكد وزير الخارجية والمغتربين أسعد حسن الشيباني أن سوريا بعد ثورة الثامن من كانون الأول 2024 تمثل قصة نجاح حقيقية صاغها الشعب السوري بإرادته وعزيمته. وأوضح أن ما تحقق خلال عام واحد أعاد الثقة للسوريين بأنفسهم، وأوصل للعالم صورة واضحة عن قدرة هذا الشعب على تجاوز الماضي والانطلاق نحو المستقبل بثقة كبيرة وإرادة صلبة، رغم العقبات والإرث الثقيل الذي خلفه النظام البائد.
وخلال جلسة حوارية في منتدى الدوحة، شدد الشيباني على أن الإنجاز الأهم خلال العام الماضي هو إعادة ثقة الشعب بنفسه بعد أن شوهها النظام السابق وصوّر السوريين للعالم على أنهم شعب مستضعف، مؤكداً أن السوريين اليوم ينظرون إلى أنفسهم بثقة كبيرة في مختلف المجالات.
حكومة البناء بعد سقوط نظام الهدم
وأوضح الوزير أن أي حكومة تعمل بإخلاص قادرة على تحقيق الكثير رغم قلة الإمكانيات، مشيراً إلى أن النجاحات التي تحققت جاءت بدعم الشعب السوري ووقوف الأصدقاء إلى جانب سوريا. وأكد أن المرحلة القادمة ستشهد المزيد من الحماسة والانطلاق نحو المستقبل.
وأضاف أن الوضع المعيشي والاقتصادي لا يزال يعاني من آثار العقوبات، وخاصة قانون “قيصر”، إلا أن الحكومة السورية استطاعت إعادة إصلاح العلاقة بين الشعب والدولة، وهو إنجاز يشكل أساساً لمواصلة البناء.
السياسة الخارجية: من إرث سلبي إلى علاقات متوازنة
وبيّن الشيباني أن سوريا ورثت علاقات سيئة مع الجوار والدول الغربية نتيجة سياسات النظام البائد، إلا أن الحكومة الحالية تعمل على بناء سياسة متوازنة قائمة على علاقات هادئة مع الجميع. وأكد أن سوريا لا تريد الاصطفاف، بل تسعى إلى التعاون والشراكات السياسية والاقتصادية.
التحدي الإسرائيلي: الخطوط الحمراء والالتزامات الدولية
وأكد الوزير أن أبرز التحديات الراهنة تتمثل في السياسات الإسرائيلية التي تسعى لزعزعة الاستقرار في سوريا. وشدد على أن الخط الأحمر هو ضرورة انسحاب إسرائيل من الأراضي السورية المحتلة، موضحاً أنه لا يمكن المضي في أي اتفاق أمني معها وهي ما تزال تحتل أجزاء جديدة من سوريا بعد الثورة، وأن أي اتفاق يجب أن يكون عادلاً ومتوازناً ويحترم الهواجس الأمنية للطرفين.
كما طالب إسرائيل بالتوقف عن التدخل في الشؤون الداخلية السورية وعدم المراهنة على تحريك بعض الفئات أو تغذية الانقسامات داخل المجتمع، محذراً من أن هذه السياسات سترتد سلباً عليها في المستقبل. وأكد التزام دمشق باتفاقية عام 1974 وبالمسار القائم حالياً بوساطة أمريكية.
وأشار الشيباني إلى أن الحكومة السورية أظهرت خلال العام الماضي قدراً كبيراً من النضج والعقلانية والدبلوماسية، وأنها نجحت في حشد دعم واسع من الدول العربية والأجنبية والأوروبية. وأوضح أن المجتمع الدولي بات داعماً لمسار سوريا، وكان آخر مظاهره التصويت الذي أكد مجدداً أن الجولان أرض سورية، حيث ارتفع عدد الدول المؤيدة لهذا الموقف إلى أكثر من 25 دولة هذا العام.
إعادة الإعمار والتنمية الاقتصادية
وأوضح الوزير أن سوريا تركز اليوم على إعادة الإعمار وتعزيز التنمية الاقتصادية عبر فرص استثمارية واسعة، مشيراً إلى أن الصناعات عادت إلى العمل خلال الأشهر الماضية بالشراكة مع شركات عربية وأجنبية. وأضاف أن عام 2026 سيشهد تركيزاً أكبر على الجانب الخدمي والاقتصادي.
من مصدر تهديد إلى نموذج إلهام
ولفت الشيباني إلى أن صورة سوريا تغيرت جذرياً خلال عام واحد، فبعد أن كانت تُصوَّر كمصدر تهديد أصبحت اليوم نموذجاً للإلهام والنجاح. وأكد أن المجتمع الدولي بدأ يتعامل مع سوريا كشريك فاعل، وأن الشعب السوري بات ينظر إلى المستقبل بعين الأمل والثقة.
واختتم الوزير بالتأكيد على أن الشعب السوري هو رأسمال الدولة الحقيقي، وأن الحكومة خرجت من بين هذا الشعب وعاشت معاناته. وأشار إلى أن الحرية السياسية والمشاركة أصبحت واقعاً جديداً، وأن سوريا اليوم تسير بخطى ثابتة نحو بناء دولة حديثة تلهم المنطقة والعالم.